﴿ فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ﴾
الظاهر عود الضمير على أقرب مذكور وهم اليهود وقاله مجاهد والسدّي أي ﴿ فإن كذبوك ﴾ فيما أخبرت به أنه تعالى حرمه عليهم وقالوا : لم يحرمه الله وإنما حرمه إسرائيل قبل متعجباً من قولهم : ومعظماً لافترائهم مع علمهم بما قلت :﴿ فقل ربكم ذو رحمة واسعة ﴾ حيث لم يعاجلكم بالعقوبة مع شدّة هذا الجرم كما تقول عند رؤية معصية عظيمة.
ما أحلم الله وأنت تريد لإمهاله العاصي.
وقيل : الضمير للمشركين الذين كان الكلام معهم في قوله :﴿ نبئوني ﴾ وقوله :﴿ أم كنتم شهداء ﴾ أي ﴿ فإن كذبوك ﴾ في النبوة والرسالة وتبليغ أحكام الله.
وقال الزمخشري :﴿ فإن كذبوك ﴾ في ذلك وزعموا أن الله واسع المغفرة وأنه لا يؤاخذنا بالبغي ويخلف الوعيد جوداً وكرماً ﴿ فقل لهم ربكم ذو رحمة واسعة ﴾ لأهل طاعته ﴿ ولا يردّ بأسه ﴾ مع سعة رحمته ﴿ عن القوم المجرمين ﴾ فلا تغترّ برجاء رحمته عن خوف نقمته ؛ انتهى، وهو على طريقة الاعتزال و﴿ القوم المجرمين ﴾ عام يندرج فيه مكذبو الرسل وغيرهم من المجرمين، ويحتمل أن يكون من وقوع الظاهرموقع المضمر أي ﴿ ولا يرد بأسه ﴾ عنكم وجاء معمول ﴿ قل ﴾ الأول جملة اسمية لأنها أبلغ في الإخبار من الجملة الفعلية، فناسبت الأبلغية في الله تعالى بالرحمة الواسعة وجاءت الجملة الثانية فعلية ولم تأت اسمية فيكون التركيب وذو بأس لئلا يتعادل الإخبار عن الوصفين وباب الرحمة واسع فلا تعادل.
وقال الماتريدي :﴿ فإن كذبوك ﴾ فيما تدعوهم إليه من التصديق والتوحيد ﴿ فقل ربكم ذو رحمة واسعة ﴾ إذا رجعتم عن التكذيب ؛ انتهى.
وقيل :﴿ ذو رحمة ﴾ لا يهلك أحداً وقت المعصية ولكن يؤخر ﴿ ولا يرد بأسه ﴾ إذا نزل. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon