الْآيَةُ وَرَدَتْ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ الْقَطْعِيِّ، فَهِيَ نَصٌّ قَطْعِيٌّ فِي حِلِّ مَا عَدَا الْأَنْوَاعَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي حُصِرَ التَّحْرِيمُ بِهَا فِيهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْمَائِدَةِ أَنَّ الْمُنْخَنِقَةَ وَالْمَوْقُوذَةَ وَالْمُتَرَدِّيَةَ وَأَكِيلَةَ السَّبْعِ اللَّاتِي تَمُوتُ بِذَلِكَ وَلَا تُدْرَكُ تَذْكِيَتُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ مِنْ نَوْعِ الْمَيْتَةِ، فَهِيَ تَفْصِيلٌ لَهَا لَا أَنْوَاعٌ حُرِّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تُعَدَّ نَاسِخَةً لِآيَةِ الْأَنْعَامِ وَتَحْرِيمُ الْخَبَائِثِ لَا يَدُلُّ عَلَى مُحَرَّمَاتٍ أُخْرَى فِي الطَّعَامِ غَيْرِ هَذِهِ فَيُجْعَلَ نَاسِخًا لِلْحَصْرِ فِيهَا، فَإِنَّ لَفْظَ الْخَبَائِثِ يَشْمَلُ مَا لَيْسَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ كَالْأَقْذَارِ وَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَكُلِّ شَيْءٍ رَدِيءٍ. قَالَ تَعَالَى :(وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (٢ : ٢٦٧) فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ نَاسِخٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُؤَكِّدَةِ لَهَا وَلَا مُخَصِّصٌ لِعُمُومِهَا، وَمَا يُرِيدُ اللهُ نَسْخَهُ أَوْ تَخْصِيصَهُ لَا يَجْعَلُهُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ الْمُؤَكَّدَةِ كُلَّ هَذَا التَّأْكِيدِ الَّذِي نَشْرَحُهُ بَعْدُ. وَلَكِنْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ تَحْرِيمُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ
وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ الْجَوَارِحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي ; وَلِذَلِكَ. اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ مُفَسِّرِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي الْآيَةِ. وَهَاكَ مُلَخَّصُ الْمَأْثُورِ فِيهَا مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ :


الصفحة التالية
Icon