﴿ سَيَقُولُ الذين أَشْرَكُواْ ﴾ [ لمّا الزمنا بينهم ] الحجّة وتبيّنوا وتيقنوا باطل ما كانوا عليه ﴿ لَوْ شَآءَ الله مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا ﴾ ما حرّمنا من التغاير والسوايب وغير ذلك لأنَّه قادر على أن يحمل بيننا وبين ذلك حتّى لا نفعله ولكنّه رضي منا ما نحن عليه من عبادة الأصنام وتحريم الحرث والأنعام وأراد منّا وأمرنا به فلم يحل بيننا وبين ذلك فقال الله تعالى تكذيباً لهم وردّاً عليهم ﴿ كذلك كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِم ﴾ ولو كان كذلك خيراً من الله تعالى عن مَنْ كذّبهم في قولهم ﴿ لَوْ شَآءَ الله مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا ﴾ لقال كذلك ( كذّب الذين من قبلهم ) بتخفيف الذال وكان نسبهم إلى الكذب لا إلى التكذيب.
وقال الحسن بن الفضل :[ لمّا خبّروا بهذه المقالة ] تعظيماً وإجلالا لله سبحانه وتعالى وصفة منهم به لمّا عابهم ذلك، لأن الله قال ﴿ وَلَوْ شَآءَ الله مَآ أَشْرَكُواْ ﴾ وقال سبحانه :﴿ مَّا كَانُواْ ليؤمنوا إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله ﴾ وقال ﴿ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ والمؤمنون يقولون هذا ولكنّهم قالوا ذلك تكذيباً وتخرصاً وبدلاً من غير معرفة بالله تعالى وبما [ يقولون ] نظيره قوله ﴿ وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ الرحمن مَا عَبَدْنَاهُمْ ﴾ [ الزخرف : ٢٠ ]، قال الله تعالى ﴿ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ [ الزخرف : ٢٠ ] بقولهم هذا من غير علم بيّنهم بآية ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ وبقوله و﴿ عِلْمٍ ﴾ منهم بالله عزّ وجلّ ثمّ قال ﴿ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ ﴾ من حظ وحجّة على ما يقولون من غير علم ويقين ﴿ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ ﴾ تكذّبون. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا﴾