وقيل في معنى الآية : إنهم كانوا يقولون الحق بهذه الكلمة وهو قوله :﴿ لو شاء الله ما أشركنا ﴾ إلا أنهم كانوا يعدونه عذراً لأنفسهم ويجعلونه حجة لهم في ترك الإيمان والرد عليهم في ذلك أن أمر الله بمعزل عن مشيئته وإرادته فإن الله تعالى مريد لجميع الكائنات غير آخر بجميع ما يريد، فعلى العبد أن يتبع أمره وليس له أن يتعلق بمشيئته فإن مشيئته لا تكون عذراً لأحد عليه في فعله فهو تعالى يشاء الكفر من الكافر ولا يرضى به ولا يأمر به ومع هذا فيبعث الرسل إلى العبد ويأمر بالإيمان، وورود الأمر على خلاف الإرادة غير ممتنع.
فالحاصل أنه تعالى حكى عن الكفار أنهم يتمسكون بمشيئة الله تعالى في شركهم وكفرهم، فأخر الله تعالى أن هذا التمسك فاسد باطل فإنه لا يلزم من ثبوت المشيئة لله تعالى في كل الأمور دفع دعوة الأنبياء عليهم السلام والله أعلم.
وقوله تعالى :﴿ قل هل عندكم من علم ﴾ أي : قل يا محمد لهؤلاء المشركين القائلين لو شاء الله ما أشركنا ولكنه رضي ما نحن عليه من الشرك هل عندكم يعني بدعواكم ما تدعون من علم يعني من حجة وكتاب يوجب اليقين من العلم ﴿ فتخرجوه لنا ﴾ يعني فتظهروا ذلك العلم لنا وتبينوه كما بينّا لكم خطأ قولكم وفعلكم وتناقض ذلك واستحالته في العقول ﴿ إن تتبعون إلا الظن ﴾ يعني فيما أنتم عليه من الشرك وتحريم ما لم يحرمه الله عليكم وتحسبون أنكم على حق وإنما هو باطل ﴿ وإن أنتم إلا تخرصون ﴾ يعني وما أنتم في ذلك كله إلا تكذبون وتقولون على الله الباطل. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيء ﴾


الصفحة التالية
Icon