وقال أبو السعود :
﴿ سَيَقُولُ الذين أَشْرَكُواْ ﴾ حكاية لفن آخرَ من كفرهم، وإخبارُه قبل وقوعِه ثم وقوعُه حسبما أُخبر به كما يحكيه قوله تعالى عند وقوعِه :﴿ وَقَالَ الذين أَشْرَكُواْ لَوْ شَآء الله مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْء ﴾ صريحٌ في أنه من عند الله تعالى ﴿ لَوْ شَاء الله مَا أَشْرَكْنَا ﴾ أي لو شاء خلافَ ذلك مشيئةَ ارتضاءٍ لما فعلنا الإشراك نحن ﴿ وَلاَ ىَابَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَىْء ﴾ أرادوا به أن ما فعلوه حقٌّ مرضيٌّ عند الله تعالى لا الاعتذارَ من ارتكاب هذه القبائحِ بإرادة الله تعالى إياها منهم حتى ينتهض ذمُّهم به دليلاً للمعتزلة، ألا يُرى إلى قوله تعالى :﴿ كذلك كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ أي مثلَ ما كذّبك هؤلاءِ في أنه تعالى منَع من الشرك ولم يحرِّم ما حرموه كذّب متقدِّموهم الرسلَ فإنه صريحٌ فيما قلنا، وعطفُ آباؤنا على الضمير للفصل بلا ﴿ حتى ذَاقُواْ بَأْسَنَا ﴾ الذي أنزلنا عليهم بتكذيبهم ﴿ قُلْ هَلْ عِندَكُم مّنْ عِلْمٍ ﴾ من أمر معلوم يصِحّ الاحتجاجُ به على ما زعمتم ﴿ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ﴾ أي فتُظهروه لنا ﴿ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن ﴾ أي ما تتبعون في ذلك إلا الظنَّ الباطلَ الذي لا يغني من الحق شيئاً ﴿ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ ﴾ تكذِبون على الله عز وجل وليس فيه دلالةٌ على المنع من اتباع الظنِّ على الإطلاق فيما يعارضه قطعي. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾