ووجه القطب الآية بأن مرادهم رد دعوة الأنبياء عليهم السلام على معنى أن الله تعالى شاء شركنا وأراده منا وأنتم تخالفون إرادته حيث تدعونا إلى الإيمان فوبخهم سبحانه بوجوه عد منها قوله سبحانه :﴿ فَلِلَّهِ الحجة البالغة ﴾ فإنه بتقدير الشرط أي إذا كان الأمر كما زعمتم فللَّه الحجة.
وقوله سبحانه :﴿ فَلَوْ شَاء ﴾ الخ بدل منه على سبيل البيان أي لو شاء لدل كلاً منكم ومن مخالفيكم على دينه فلو كان الأمر كما تزعمون لكان الإسلام أيضاً بالمشيئة فيجب أن لا تمنعوا المسلمين من الإسلام كما وجب بزعمكم أن لا يمنعكم الأنبياء عن الشرك فيلزمكم أن لا يكون بينكم وبين المسلمين مخالفة ومعاداة بل موافقة وموالاة، ثم قال : وربما يوجه هذا الاحتجاج بأن ما خالف مذهبكم من النحل يجب أن يكون عندكم حقاً لأنه بمشيئة الله تعالى فيلزم تصحيح الأديان المتناقضة، وفيه منع لأن الصحة إنما تكون بالجريان على منهج الشرع ولا يلزم من تعليق مشيئته تعالى بشيء جريان ذلك عليه، ولا يخفى أن التوجيه الأول كهذا التوجيه لا يخلو عن دغدغة فتدبر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾
جواب عن قولهم :﴿ لو شاء الله ما أشرَكْنا ولا آباؤنا ﴾ [ الأنعام : ١٤٨ ] تكملة للجواب السّابق لأنَّه زيادة في إبطال قولهم، وهو يشبه المعارضة في اصطلاح أهل الجدل.
وأعيد فعل الأمر بالقول لاسترعاء الأسماع لِما سيرد بعد فعل :﴿ قل ﴾ وقد كرّر ثلاث مرات متعاقبة بدون عطف، والنكتة ما تقدم من كون القول جارياً على طريقة المقاولة.
والفاء فصيحة تؤذن بكلام مقدّر هو شرط، والتّقدير : فإن كان قولكم لمجرّد اتّباع الظنّ والخرص وسوء التّأويل فللّه الحجّة البالغة.
وتقديم المجرور على المبتدأ لإفادة الاختصاص، أي : لله لا لكم، ففهم منه أنّ حجتّهم داحضة.


الصفحة التالية
Icon