إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ المطففين : ١ - ٦ ].
قال ابن كثير : وقد أهلك الله أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال. روى الترمذي عن ابن عباس ؛ أن رسول الله ﷺ قال لأصحاب الكيل والميزان :< إنكم وليتم أمرين هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم >. ثم ضعفه وصحح وقفة على ابن عباس. وروى نحوه ابن مردويه مرفوعاً، ولفظه :< إنكم معشر الموالي قد بشركم الله بخصلتين، بهما هلكت القرون المتقدمة : بالمكيال والميزان >.
﴿ لا نُكَلِّفُ نَفْساً ﴾ أي : عند الكيل والوزن :﴿ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ أي : جهدها بالعدل. وهذا الاعتراض جيء به عقيب الأمر بالعدل، لبيان أن مراعاة الحدّ من القسط، الذي لا زيادة فيه ولا نقصان، مما يجري فيه الحرج، لصعوبة رعايته. فأمر ببلوغ الوسع، وأن الذي ما وراءه معفوّ عنه. وقد روى ابن مردويه عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله ﷺ :< :﴿ أَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ : من أوفى على يده في الكيل والميزان، والله أعلم بصحة نيته بالوفاء فيهما، لم يؤاخذ >.
قال ابن المسيّب : وذلك تأويل ( وسعها ).
قال ابن كثير : هذا غريب.
وفي " العناية " : يحتمل رجوع قوله تعالى :﴿ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ إلى ما تقدم. أي : جميع ما كلفناكم ممكن، ونحن لا نكلف ما لا يطاق. انتهى. والأول أولى.