قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذه الآية تعلم أهل الأهواء والبدع والشذوذ في الفروع وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام هذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد وتقدم القول في ﴿ ذلك وصاكم ﴾، وفي قوله ﴿ لعلكم ﴾ ومن حيث كانت المحرمات الأول لا يقع فيها عاقل قد نظر بعقله جاءت العبارة لعلكم تعقلون، والمحرمات الأخر شهوات وقد يقع فيها من العقلاء من لم يتذكر، وركوب الجادة الكاملة يتضمن فعل الفضائل، وتلك درجة التقوى. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وأن هذا صراطي مستقيماً ﴾
قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو : و"أنّ" بفتح الألف مع تشديد النون.
قال الفراء : إن شئت جعلت "أن" مفتوحة بوقوع "أتل" عليها، وإن شئت جعلتها خفضاً، على معنى : ذلكم وصاكم به، وبأن هذا صراطي مستقيماً.
وقرأ ابن عامر بفتح الألف أيضاً، إلا أنه خفف النون، فجعلها مخففة من الثقيلة، وحكم إعرابها حكم تلك.
وقرأ حمزة، والكسائي : بتشديد النون مع كسر الألف.
قال الفراء : وكسر الألف على الاستئناف.
وفي الصراط قولان.
أحدهما : أنه القرآن.
والثاني : الإسلام.
وقد بينا إعراب قوله :"مستقيماً" أيضاً.
فأما "السُّبُل"، فقال ابن عباس : هي الضلالات.
وقال مجاهد : البدع والشبهات.
وقال مقاتل : أراد ما حرَّموا على أنفسهم من الأنعام والحرث.
﴿ فتفرَّقَ بكم عن سبيله ﴾ أي : فتضلِّكم عن دينه. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه ﴾
هذه آية عظيمة عطفها على ما تقدم ؛ فإنه لما نهى وأمر حذّر هنا عن اتباع غير سبيله، فأمر فيها باتباع طريقه على ما نبينه بالأحاديث الصحيحة وأقاويل السلف.
"وأنّ" في موضع نصب، أي وأتل أن هذا صراطي ؛ عن الفراء والكسائيّ.
قال الفراء : ويجوز أن يكون خفضاً، أي وصّاكم به وبأن هذا صراطي.


الصفحة التالية
Icon