روى الدّارميّ أبو محمد في مسنده بإسناد صحيح : أخبرنا عفان حدّثنا حماد بن زيد حدّثنا عاصم بن بَهْدَلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال :" خطّ لنا رسول الله ﷺ يوماً خطاً، ثم قال :"هذا سبيل الله" ثم خطّ خطوطاً عن يمينه وخطوطاً عن يساره ثم قال "هذه سُبُلٌ على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها" ثم قرأ هذه الآية " وأخرجه ابن ماجه في سننه عن جابر بن عبد الله قال :" كنا عند النبيّ ﷺ فخطّ خطاً، وخطّ خطّين عن يمينه، وخط خطين عن يساره، ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال هذا سبيل الله ثم تلا هذه الآية ﴿ وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ " وهذه السُّبُلَ تعم اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر أهل الملل وأهل البدع والضلالات من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمُّق في الجدل والخوض في الكلام.
هذه كلّها عرضة للزلل، ومظنة لسوء المعتقد ؛ قاله ابن عطية.
قلت : وهو الصحيح.
ذكر الطبري في كتاب آداب النفوس : حدّثنا محمد بن عبد الأعلى الصّنعاني قال حدّثنا محمد بن ثَور عن مَعْمر عن أبان أن رجلاً قال لابن مسعود : ما الصراط المستقيم؟ قال : تَرَكَنا محمد ﷺ في أدناه وطرفُه في الجنة، وعن يمينه جَوَادّ وعن يساره جوادّ، وثَمّ رجال يدعون من مَرَّ بهم فمن أخذ في تلك الجوادّ انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود :﴿ وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً ﴾ الآية.
وقال عبد الله بن مسعود : تعلموا العلم قبل أن يُقبض، وقبضه أن يذهب أهله، ألا وإياكم والتّنَطُّعَ والتعمّق والبدع، وعليكم بالعتيق.
أخرجه الدَّارِمِي.
وقال مجاهد في قوله :﴿ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل ﴾ قال : البدع.


الصفحة التالية
Icon