وقال سهل بن عبد الله التُّسْتَريُّ : عليكم بالاقتداء بالأثر والسنة، فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمانٌ إذا ذكر إنسانٌ النبيّ ﷺ والاقتداء به في جميع أحواله ذَمّوه ونفروا عنه وتبرءوا منه وأذلّوه وأهانوه.
قال سهل : إنما ظهرت البدعة على يدي أهل السنة لأنهم ظاهروهم وقاولوهم ؛ فظهرت أقاويلهم وَفَشت في العامّة فَسمِعه من لم يكن يسمعه، فلو تركوهم ولم يكلموهم لمات كل واحد منهم على ما في صدره ولم يظهر منه شيء وحمله معه إلى قبره، وقال سهل : لا يُحدث أحدكم بدعةً حتى يُحدث له إبليس عبادة فيتعبّد بها ثم يُحدث له بدعة، فإذا نطق بالبدعة ودعا الناس إليها نزع منه تلك الْحَذْمة.
قال سهل : لا أعلم حديثاً جاء في المبتدعة أشدّ من هذا الحديث :" حجب الله الجنة عن صاحب البدعة " قال : فاليهوديّ والنّصرانيّ أرجى منهم.
قال سهل : من أراد أن يكرم دينه فلا يدخل على السلطان، ولا يخُلَون بالنسوان، ولا يخاصِمنّ أهل الأهواء.
وقال أيضاً : اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كُفيتم.
وفي مسند الدّارِمِي : أن أبا موسى الأشعري جاء إلى عبد الله بن مسعود فقال : يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفاً شيئاً أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرا قال : فما هو؟ قال : إن عشت فستراه، قال : رأيتُ في المسجد قوماً حِلقاً حِلَقاً جلوساً ينتظرون الصلاة ؛ في كل حَلْقة رجل وفي أيديهم حَصىً فيقول لهم : كَبِّروا مائة ؛ فيكبرون مائة.
فيقول : هَلِّلُوا مائة ؛ فيهلّلون مائة.
ويقول : سبّحوا مائة ؛ فيسبحون مائة.
قال : فماذا قلتَ لهم؟ قال : ما قلتُ لهم شيئاً ؛ انتظارَ رأيك وانتظار أمرك.
قال أفلا أمرتهم أن يَعُدّوا سيئاتهم وضَمِنت لهم ألا يضيع من حسناتهم.
ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حَلْقة من تلك الحِلَق ؛ فوقف عليهم فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن، حَصىً نعدّ به التكبير والتهليل ( والتسبيح ).


الصفحة التالية
Icon