قال أبو حيان :"ولما كان الصراط المستقيم هو الجامع للتكاليف وأمر سبحانه باتباعه ونهى عن ( اتباع غيره من ) الطرق ختم ذلك بالتقوى التي هي اتقاء النار إذ من اتبع صراطه نجاه النجاة الأبدية وحصل على السعادة السرمدية.
وكرر سبحانه الوصية لمزيد التأكيد" ويا لها من وصية ما أعظم شأنها، وأوضح برهانها.
وأخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر والبيهقي في "الشعب" وغيرهم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : من سره أن ينظر إلى وصية محمد عليه الصلاة والسلام بخاتمه فليقرأ هؤلاء الآيات ﴿ قُلْ تَعَالَوْاْ ﴾ إلى ﴿ تَتَّقُونَ ﴾ [ الأنعام : ١٥١ ١٥٣ ] وأخرج ابن حميد وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله ﷺ :" أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث " ثم تلاهن إلى آخرهن ثم قال :" فمن وفى بهن فأجره على الله تعالى ومن انتقص منهن شيئاً فأدركه الله تعالى في الدنيا كانت عقوبته ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله تعالى إن شاء أخذه وإن شاء عفا عنه ".
وأخرج أبو الشيخ عن عبيد الله بن عبد الله بن عدي قال : سمع كعب رجلاً يقرأ ﴿ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ ﴾ الخ فقال : والذي نفس كعب بيده إنها لأول آية في التوراة "بسم الله الرحمن الرحيم قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم" إلى آخر الآيات، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذه آيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب وهن محرمات على بني آدم كلهم وهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ومن تركهن دخل النار.
هذا و( أن ) في قوله سبحانه :( أن لا تشركوا ) يحتمل أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية.
قال العلامة الثاني : وفي الاحتمالين إشكال فإنها إن جعلت مصدرية كانت بياناً للمحرم بدلاً من ما أو عائده المحذوف.