قال ابن عطية : وهذه السبل تعم اليهودية والنصرانية والمجوسية، وسائر أهل الملل وأهل البدع والضلالات، من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام. وهذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد.
قال قتادة : اعلموا أن السبيل سبيل واحد. جماعة الهدى، ومصيره الجنة. وأن إبليس استبدع سبلاً متفرقة. جماعة الضلالة، ومصرها إلى النار. وروى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية وفي قوله :﴿ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.
﴿ ذَلِكُمْ ﴾ إشارة إلى ما ذكر من اتباع سبيله تعالى وترك اتباع سائر السبل :﴿ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ أي : اتباع الكفر والضلالة. وفيه تأكيد أيضاً. روى الترمذيّ وحسنه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله ﷺ التي عليها خاتمه، فليقرأ هؤلاء الآيات :﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ﴾ -إلى قوله - :﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾. وروى الحاكم، وصححه عن ابن عباس قال : في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب ثم قرأ :﴿ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ الآيات.
وروى الحاكم وصححه وابن أبي حاتم عن عُبَاْدَة بن الصامت قال : رسول الله ﷺ :< أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث ؟ ثم قوله تعالى :﴿ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ حتى فرغ من ثلاث آيات. ثم قال : ومن وفى بهن فأجره على الله. ومن انتقص منهن شيئاً، فأدركه الله في الدنيا، كانت عقوبته. ومن أخره إلى الآخرة. كان أمره إلى الله. إن شاء أخذه وإن شاء عفا عنه >.
لطيفة :