وقرأ ابن عامر، ويعقوب :"وأنْ" بفتح الهمزة وسكون النّون على أنَّها مخفّفة من الثّقيلة واسمها ضمير شأن مُقدر والجملة بعده خبره، والأحسن تخريجها بكون ﴿ أنْ ﴾ تفسيرية معطوفة على :﴿ ألاَّ تشركوا ﴾ [ الأنعام : ١٥١ ].
ووجه إعادة ﴿ أنْ ﴾ اختلاف أسلوب الكلام عمّا قبله.
والإشارة إلى الإسلام : أي وأنّ الإسلام صراطي ؛ فالإشارة إلى حاضر في أذهان المخاطبين من أثر تكرّر نزول القرآن وسماع أقوال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، بحيث عرفه النّاس وتبيّنوه، فنزلّ منزلة المشاهد، فاستعمل فيه اسم الإشارة الموضوع لتعيين ذات بطريق المشاهدة مع الإشارة، ويجوز أن تكون الإشارة إلى جميع التّشريعات والمَواعظ التي تقدّمت في هذه السّورة، لأنَّها صارت كالشّيء الحاضر المشاهد، كقوله تعالى :﴿ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ﴾ [ آل عمران : ٤٤ ].
والصّراط : الطّريق الجادة الواسعة، وقد مَرّ في قوله تعالى :﴿ اهدنا الصّراط المستقيم ﴾ [ الفاتحة : ٦ ] والمراد الإسلام كما دلّ عليه قوله في آخر السّورة :﴿ قل إنَّنِي هداني ربِّي إلى صراط مستقيم ديناً قيّماً ﴾ [ الأنعام : ١٦١ ] لأنّ المقصود منها تحصيل الصّلاح في الدّنيا والآخرة فشبّهت بالطّريق الموصل السّائر فيه إلى غرضه ومقصده.
ولمّا شبّه الإسلام بالصّراط وجعل كالشّيء المشاهد صار كالطّريق الواضحة البيّنة فادّعي أنَّه مستقيم، أي لا اعوجاج فيه لأنّ الطّريق المستقيم أيسر سلوكاً على السائر وأسرع وصولاً به.