قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : ويشبه أن يكون معناه أملق أي لم يبق له إلا الملق كما قالوا أترب إذا لم يبق له إلا التراب وأرمل إذا لم يبق له إلا الرمل، والملق الحجارة السود واحدته ملقة، وذكر منذر بن سعيد أن الإملاق الإنفاق، ويقال أملق بمعنى أنفقه، وذكر أن علياً قال لا مرأة أملقي من مالك ما شئت وذكر النقاش عن محمد بن نعيم الترمذي أنه السرف في الإنفاق، وحكى أيضاً النقاش عن مؤرج أنه قال : الإملاق الجوع بلغة لخم.
وقوله تعالى :﴿ ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ﴾ نهي عام عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي، و" ظهر وبطن " حالتان تستوفيان أقسام ما جعلت له من الأشياء، وذهب بعض المفسرين إلى أن القصد بهذه الآية أشياء مخصصات، فقال السدي وابن عباس :﴿ ما ظهر ﴾ هو زنا الحوانيت الشهير، و﴿ ما بطن ﴾ هو متخذات الأخدان، وكانوا يستقبحون الشهير وحده فحرم الله الجميع، وقال مجاهد ﴿ ما ظهر ﴾ هو نكاح حلائل الآباء ونحو ذلك، و﴿ ما بطن ﴾ هو الزنا إلى غير هذا من تخصيص لا تقوم عليه حجة، بل هو دعوى مجردة، وقوله تعالى :﴿ ولا تقتلوا ﴾ الآية متضمنة تحريم قتل النفس المسلمة والمعاهدة، ومعنى الآية ﴿ إلا بالحق ﴾ الذي يوجب قتلها وقد بينته الشريعة وهو الكفر بالله وقتل النفس والزنا بعد الإحصان والحرابة وما تشعب من هذه، و﴿ ذلكم ﴾ إشارة إلى هذه المحرمات، و" الوصية " الأمر المؤكد المقرر ومنه قول الشاعر :[ الطويل ]
أجدَّكَ لم تسمعْ وَصَاةَ محمَّدٍ... نبيِّ الإلهِ حين أوصى وَأَشْهَدَا
وقوله ﴿ لعلكم ﴾ ترج بالإضافة إلينا أي من سمع هذه الوصية ترجى وقوع أثر العقل بعدها والميز بالمنافع والمضار في الدين. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قل تعالوا أتْلُ ما حرَّم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً ﴾ "ما" : بمعنى :"الذي"، وفي "لا" قولان.


الصفحة التالية
Icon