وقال ابن القشيري : في الكلام محذوف تقديره ثم كنا قد ﴿ آتينا موسى الكتاب ﴾ قبل إنزالنا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال الزمخشري عطف على ﴿ وصاكم به ﴾ ( فإن قلت ) : كيف صح عطفه عليه بثم والإيتاء قبل التوصية بدهر طويل؟ ( قلت ) : هذه التوصية قديمة لم تزل تواصاها كل أمة على لسان نبيها كما قال ابن عباس : محكمات لم ينسخهنّ شيء من جميع الكتب فكأنه قيل :﴿ ذلكم وصاكم به ﴾ يا بني آدم قديماً وحديثاً ثم أعظم من ذلك ﴿ إنا آتينا موسى الكتاب ﴾ وأنزلنا هذا الكتاب المبارك؟ وقيل : هو معطوف على ما تقدّم قبل شطر السورة من قوله :﴿ ووهبنا له إسحاق ويعقوب ﴾ انتهى.
وهذه الأقوال كلها متكلفة والذي ينبغي أن يذهب إليه أنها استعملت للعطف كالواو من غير اعتبار مهلة، وقد ذهب إلى ذلك بعض النحاة و﴿ الكتاب ﴾ هنا التوراة بلا خلاف وانتصب تماماً على المفعول له أو على المصدر أتممناه تماماً مصدر على حذف الزوائد أو على الحال إما من الفاعل والمفعول وكل قد قيل.
وقيل : معنى ﴿ تماماً ﴾ أي دفعة واحدة لم نفرق إنزاله كما فرقنا إنزال القرآن قاله أبو سليمان الدمشقي.
و﴿ الذي أحسن ﴾ جنس أي على من كان محسناً من أهل ملته قاله مجاهد أي إتماماً للنعمة عندهم.
وقيل : المراد بالذي أحسن مخصوص.
فقال الماوردي : إبراهيم كانت نبوة موسى نعمة على إبراهيم لأنه من ولده والإحسان للأبناء إحسان للآباء.
وقيل : موسى عليه السلام تتمة للكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ وفي كل ما أمر به، والذي في هذه التأويلات واقعة على من يعقل.
وقال ابن الأنباري :﴿ تماماً على الذي أحسن ﴾ موسى من العلم وكتب الله القديمة ونحو منه قول ابن قتيبة، قال : معنى الآية ﴿ تماماً ﴾ على ما كان أحسن من العلم والحكمة من العلم والحكمة من قولهم : فلان يحسن كذا أي يعلمه.