واعلم أنه تعالى قد شرح فرق المشركين في هذه السورة على أحسن الوجوه، وذلك لأن طائفة من المشركين يجعلون الأصنام شركاء لله تعالى، وإليهم الإشارة بقوله حكاية عن إبراهيم ﴿وَإِذْ قَالَ إبراهيم لأَبِيهِ ءازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً ءالِهَةً إِنّى أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِى ضلال مُّبِينٍ﴾ [ الأنعام : ٧٤ ].
والطائفة الثانية : من المشركين عبدة الكواكب، وهم الذين حكى الله عنهم، أن إبراهيم عليه السلام أبطل قولهم بقوله :﴿لا أُحِبُّ الأفلين﴾ [ الأنعام : ٧٦ ].
والطائفة الثالثة : الذين حكى الله تعالى عنهم :﴿أَنَّهُمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الجن﴾ [ الأنعام : ١٠٠ ] وهم القائلون بيزدان وأهرمن.
والطائفة الرابعة : الذين جعلوا لله بنين وبنات، وأقام الدلائل على فساد أقوال هؤلاء الطوائف والفرق، فلما بين بالدليل فساد قول هؤلاء الطوائف.
قال ههنا :﴿أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ﴾.
النوع الثاني : من الأشياء التي أوجبها ههنا قوله :﴿وبالوالدين إحسانا﴾ وإنما ثنى بهذا التكليف، لأن أعظم أنواع النعم على الإنسان نعمة الله تعالى، ويتلوها نعمة الوالدين، لأن المؤثر الحقيقي في وجود الإنسان هو الله سبحانه وفي الظاهر هو الأبوان، ثم نعمهما على الإنسان عظيمة وهي نعمة التربية والشفقة والحفظ عن الضياع والهلاك في وقت الصغر.


الصفحة التالية
Icon