وما لا يمكن الاحتراز عنه من تفاوت ما بين الَكْيلين، ولا يدخل تحت قُدرة البشر فمعفوٌ عنه.
وقيل : الكيل بمعنى المِكْيَال.
يقال : هذا كذا وكذا كَيلاً ؛ ولهذا عطف عليه بالميزان.
وقال بعض العلماء : لما علم الله سبحانه من عباده أن كثيرا منهم تضيق نفسُه عن أن تَطيب للغير بما لا يجب عليها له أمر المعطي بإيفاء ربّ الحق حقّه الذي هو له، ولم يكلفه الزيادة ؛ لما في الزيادة عليه من ضيق نفسه بها.
وأمر صاحبَ الحقّ بأخذ حقه ولم يكلفه الرضا بأقلّ منه ؛ لما في النقصان من ضيق نفسه.
وفي موطأ مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عبد الله بن عباس أنه قال : ما ظهر الغُلُول في قوم قطُّ إلا ألقى الله في قلوبهم الرّعب، ولا فشا الزنى في قوم إلا كَثُر فيهم الموت، ولا نقص قوم المِكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق، ولا حَكم قوم بغير الحق إلا فشا فيهم الدّم، ولا ختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو.
وقال ابن عباس أيضاً : إنكم معشر الأعاجم قد ولُيتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم الكيل والميزان.
الثالثة عشرة قوله تعالى :﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا ﴾ يتضمن الأحكام والشهادات.
﴿ وَلَوْ كَانَ ذَا قربى ﴾ أي ولو كان الحق على مثل قراباتكم ؛ كما تقدم في "النساء".
﴿ وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ ﴾ عامّ في جميع ما عهده الله إلى عباده.
ويحتمل أن يراد به جميع ما انعقد بين إنسانين.
وأضيف ذلك العهد إلى الله من حيث أمر بحفظه والوفاء به ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ تتّعظون. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ﴾
يعني ولا تقربوا مال اليتيم إلا بما فيه صلاحه وتثميره وتحصيل الربح له.
قال مجاهد : هو التجارة فيه وقال الضحاك : هو أن يسعى له فيه.


الصفحة التالية
Icon