وقيل : معنى ﴿ فرقوا دينهم ﴾ آمنوا ببعض وكفروا ببعض، وأضاف الدين إليهم من حيث كان ينبغي أن يلتزموه إذ هو دين الله الذي ألزمه العباد فهو دين جميع الناس بهذا الوجه.
وقرأ عليّ والأخوان فارقوا هنا وفي الروم بألف ومعناها قريب من قراءة باقي السبعة بالتشديد تقول ضاعف وضعف.
وقيل : تركوه وباينوه، ومن فرق دينه فآمن ببعض وكفر ببعض فقد فارق دينه المطلوب منه.
وقرأ ابراهيم والأعمش وأبو صالح ﴿ فرقوا ﴾ بتخفيف الراء ﴿ وكانوا شيعاً ﴾ أي أحزاباً كل منهم تابع لشخص لا يتعداه ﴿ لست منهم في شيء ﴾ أي لست من تفريق دينهم أو من عقابهم أو من قتالهم، أو هو إخبار عن المباينة التامّة والمباعدة كقول النابغة :
إذا حاولت في أسد فجوراً...
فإني لست منك ولست مني
احتمالات أربعة.
وقال ابن عطية : أي لا تشفع لهم ولا لهم بك تعلق وهذا على الإطلاق في الكفار وعلى جهة المبالغة في العصاة والمتنطعين في الشرع إذ لهم حظ من تفريق الدين، ولما نفى كونه منهم في شيء حصر مرجع أمرهم من هلاك أو واستقامة إليه تعالى وأخبر أنه مجازيهم بأفعالهم وذلك وعيد شديد لهم.
وقال السدّي : هذه آية لم يؤمر فيها بقتال وهي منسوخة بالقتال.
قال ابن عطية : وهذا كلام غير متقن فإن الآية خبر لا يدخله نسخ ولكنها تضمنت بالمعنى أمراً بموادعة فيشبه أن يقال : إن النسخ وقع في ذلك المعنى الذي قد تقرر في آيات أخر. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾