وقرا الجمهور :" تَقُولُوا " بتاء الخطاب، وقرأ ابن مُحَيْصِن :" يَقُولوا " : بياء الغَيْبَة، ومعنى الآية الكريمة، كراهة أن يقول أهْلُ مكَّة : أنزل الكتاب، وهو التُّوْراة، والإنْجِيل على طَائِفَتَيْن من قَبْلِنَا، وهُمْ اليَهُود والنَّصَارى.
قوله :" وَإنْ كُنَّا " [ " إنْ " ] مُخَفَّفَة من الثِّقِيلة عند البَصْريِّين، وهي هُنَا مُهْمَلة ؛ ولذلك وَلِيتها الجُمْلة الفِعْليَّة، وقد تقدَّم تحقيق ذلك، وأنَّ الكوفيِّين يَجْعَلُونها بمعنى :" ما " النَّافية، واللام بمعنى :" إلاَّ "، والتقدير : ما كُنَّا عن دِرَاسَتِهم إلاَّ غافِلِين.
وقال الزَّجَّاج بِمْثِل ذلك، فَنَحا نحو الكوفيِّين.
وقال قُطْرُب :" إنْ " بمعنى " قَدْ " واللاَّم زَائِدة.
وقال الزَّمَخْشَري بعد أن قَرَّر مذهب البصريين كما قدَّمنا :" والأصْل : إنه كُنَّا عن عِبَادَتِهِم " فقدّر لها اسْماً مَحْذُوفاً، هو ضمير الشَّأن، كما يُقَدِّر النَّحْويُّون ذلك في " أنْ " بالفَتْح إذا خُفِّفَت، وهذا مخالفٌ لِنُصُوصِهِم، وذلك أنَّهم نَصُّوا على أنَّ :" إنْ " بالكَسْر إذا خُفِّفَت، ولِيَتْهَا الجُمْلَةُ الفعليةُ النَّاسِخة، فلا عَمَل لها، لا في ظاهرٍ ولا مُضْمرٍ.
و" عَنْ دِرَاسَتِهِم " متعلِّق بخبر " كُنَّا " وهو :" غافلين " وفيه دلالة على بُطلان مذهب الكوفيين في زعمهم أن اللام بمعنى :" إلاَّ " ولا يَجُوز أن يَعْمَل ما بعد " إلاَّ " فيما قَبْلَها ؛ فكذلك ما هو بِمَعْنَاها.