قوله تعالى :﴿ لكنَّا أهدى منهم ﴾ قال الزجاج : إنما كانوا يقولون هذا، لأنهم مُدِلُّون بالأذهان والأفهام، وذلك أنهم يحفظون أشعارهم وأخبارهم، وهم أُمِّيُّون لا يكتبون.
﴿ فقد جاءكم بينة ﴾ أي : ما فيه البيان وقطع الشبهات.
قال ابن عباس :﴿ فقد جاءكم بينة ﴾ أي : حجة، وهو النبي، والقرآن، والهدى، والبيان، والرحمة، والنعمة.
﴿ فمن أظلم ﴾ أي : أكفر.
﴿ ممن كذب بآيات الله ﴾ يعني : محمداً والقرآن.
﴿ وصدف عنها ﴾ أعرض فلم يؤمن بها.
وسوء العذاب : قبيحه. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ﴾ وذلك أن جماعة من الكفار قالوا لو أنزل علينا ما أنزله على اليهود والنصارى لكنّا خيراً منهم وأهدى وإنما قالوا ذلك لاعتمادهم على صحة عقولهم وجودة فطنهم وذهنهم قال الله عز وجل :﴿ فقد جاءكم بينة من ربكم ﴾ وهو رحمة ونعمة أنعم الله بها عليكم ﴿ فمن أظلم ﴾ أي لا أحد أظلم أو أكفر ﴿ ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ﴾ يعني وأعرض عنها ﴿ سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب ﴾ يعني أسوأ العذاب وأشده ﴿ بما كانوا يصدفون ﴾ أي ذلك العذاب جزاؤهم بسبب إعراضهم وتكذيبهم بآيات الله. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ﴾ انتقال من الأخبار لحصر إنزال الكتاب على غيرهم وأنه لم ينزل عليهم إلى الأخبار بحكم على تقدير والكتاب يجوز أن يراد به الكتاب السابق ذكره، ويجوز أن يراد الكتاب الذي تمنوا أن ينزل عليهم ومعنى ﴿ أهدى منهم ﴾ أرشد وأسرع اهتداء لكونه نزل علينا بلساننا فنحن نتفهمه ونتدبره وندرك ما تضمنه من غير إكداد فكر ولا تعلم لسان بخلاف الكتاب الذي أنزل على الطائفتين، فإنه بغير لساننا فنحن لا نعرفه ولا نغفل عن دراسته أو ﴿ أهدى منهم ﴾ لكون اليهود والنصارى قد افترقت فرقاً متباينة فلا نعرف الحق من الباطل.