ولهم منزلة القرب منه ؛ إِذ درجتهم منه ثانى درجة النبيّين، وأَثنى عليهم بأَحسن أَعمالهم : من الإِيمان، والإِسلام، والصّدقة، والصّبر، [و] بأَنَّهم أَهل الصّدق فقال :﴿وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ إِلى قوله :﴿أُولَائِكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾، وهذا صريح فى أَنَّ الصّدق بالأَعمال الظاهرة و الباطنة، وأَنَّ الصّدق هو مَقام الإِسلام والإِيمان.
وقسّم سبحانه النَّاس إِلى صادق ومنافق، فقال :﴿لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾.
والإِيمان أَساسه الصّدق، والنفاق أَساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإِيمان إِلاَّ واَحَدهما يحارب الآخر.
وأَخبر سبحانه أَنَّه فى القيامة لا ينفع العبدَ وينجيه من عذابِه إِلاَّ صدقُه، فقال تعالى :﴿هذا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذلك الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، وقال :﴿وَالَّذِي جَآءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فالذِى جاءَ بالصّدق هو من شأْنُه الصّدق فى قوله، وعمله، وحاله.
فالصّدق فى الأَقوال : استواءُ اللسان على الأَقوال ؛ كاستواءِ السُّنبلة على ساقها.
والصّدقُ فى الأَعمال : استواء الأَفعال على الأَمر والمتابعة ؛ كستواءِ الرّأْس على الجَسَد.