قال أبو سليمان : ولما ادَّعت كل فرقة من اليهود والنصارى والمشركين أنهم أولى بالله من غيرهم، عرفهم أنه الحاكم بينهم بقوله :﴿ فيُنبئكم بما كنتم فيه تختلفون ﴾ ونظيره :﴿ إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ﴾ [ الحج : ١٧ ]. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ أي مالكه.
روي أن الكفار قالوا للنبيّ ﷺ : ارجع يا محمد إلى ديننا، واعبد آلهتنا، واترك ما أنت عليه، ونحن نتكفّل لك بكل تِباعة تتوقعها في دنياك وآخرتك ؛ فنزلت الآية.
وهي استفهام يقتضي التقرير والتوبيخ.
و"غير" نصب ب"أبْغِي" و"رَبًّا" تمييز.
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا ﴾ فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا ﴾ أي لا ينفعني في ابتغاء ربٍّ غير الله كونكم على ذلك ؛ إذْ لا تكسب كل نفسٍ إلا عليها ؛ أي لا يؤخذ بما أتت من المعصية، وركبت من الخطيئة سواها.
الثانية : وقد استدلّ بعض العلماء من المخالفين بهذه الآية على أن بيع الفُضُوليّ لا يصح، وهو قول الشافعيّ.
وقال علماؤنا : المراد من الآية تحمل الثواب والعقاب دون أحكام الدنيا ؛ بدليل قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى ﴾ على ما يأتي.
وبيع الفُضُولِيّ عندنا موقوف على إجازة المالك، فإن أجازه جاز.
هذا عُرْوة البارِقيّ قد باع للنبيّ ﷺ واشترى وتصرّف بغير أمره، فأجازه النبيّ ﷺ ؛ وبه قال أبو حنيفة.


الصفحة التالية
Icon