والمعنى : يبتلي الغني بغناه والفقير بفقره والشريف بشرفه والوضيع بدناءته والعبد والحر وغيرهم من جميع أصناف خلقه ليظهر منكم ما يكون عليه الثواب والعقاب، لأن العبد إما أن يكون مقصراً فيما كلف به وإما أن يكون موفياً ما أمره به فإن كان مقصراً كان نصيبه التخويف والترغيب وهو قوله تعالى :﴿ إن ربك سريع العقاب ﴾ يعني لأعدائه بإهلاكهم في الدنيا وإنما وصف العقاب بالسرعة لأن كل ما هو آت فهو قريب إن كان العبد موفياً حقوق الله تعالى فيما أمره به أو نهاه عنه كان نصيبه الترغيب والتشريف والتكريم وهو قوله تعالى :﴿ وإنه لغفور ﴾ يعني لذنوب أوليائه وأهل طاعته ﴿ رحيم ﴾ يعني بجميع خلقه والله أعلم بمراده وأسرار كتابه. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم ﴾.
أذكرهم تعالى بنعمته عليهم إذ كان النبي ﷺ المبعث وهو محمد ﷺ خاتم النبيين فأمّته خلفت سائر الأمم ولا يجيء بعدها أمّة تخلفها إذ عليهم تقوم الساعة، وقال الحسن : إن النبيّ ﷺ قال " توفون سبعين أمّة أنتم خيرها وأكرمها على الله "، وروى " أنتم آخرها وأكرمها على الله " ورفع الدّرجات هو بالشرف في المراتب الدنيوية والعلم وسعة الرزق وليبلوكم متعلق بقوله ورفع فيما آتاكم من ذلك جاهاً ومالاً وعلماً وكيف تكونون في ذلك، وقيل : الخطاب لبني آدم خلفوا في الأرض عن الجن أو عن الملائكة، وقيل : يخلف بعضهم بعضاً، وقيل : خلفاء الأرض تملكونها وتتصرفون فيها.