وَنَقُولُ فِيهِ : إِنَّهُ هُوَ وَمَا قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ تَعَبُّدَاتِ الشَّرْعِ وَتَحَكُّمَاتِهِ كَمَا زَعَمَ بَادِيَ الرَّأْيِ بِغَيْرِ رَوِيَّةٍ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْقَتْلَ يُوجِبُ الْقِصَاصَ لَا الدِّيَةَ إِذَا كَانَ عَنْ تَعَمُّدٍ، إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ وَلِيٌّ لِدَمٍ وَيَرْضَى بِالدِّيَةِ. وَفَسَادُ قَتْلِ الْخَطَأِ الْمُوجِبِ لِلدِّيَةِ دُونَ فَسَادِ قَطْعِ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ أَوْ قَلْعِ الْعَيْنِ تَعَمُّدًا ; عَلَى أَنَّ عُقُوبَاتِ الدُّنْيَا لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مِعْيَارًا لِعُقُوبَاتِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهَا يُرَاعَى فِيهَا مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ مَا لَا مَحَلَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ بِشَرْطِهِ يُرَاعَى فِيهِ رَدْعُ الْمُجْرِمِينَ وَتَخْوِيفُهُمْ مِنْ عَاقِبَةِ هَذَا الْعَمَلِ الَّذِي يُزِيلُ أَمْنَ النَّاسِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَيَسْلُبُ رَاحَتَهُمْ وَيُكَلِّفُهُمْ بَذْلَ مَالٍ كَثِيرٍ وَعَنَاءٍ عَظِيمٍ فِي حِفْظِ أَمْوَالِهِمْ - وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَسْتَوِي سَارِقُ الدِّينَارِ أَوْ رُبْعِ الدِّينَارِ وَسَارِقُ الْأُلُوفِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالْجَوَاهِرِ، وَحَسْبُنَا هَذَا التَّنْبِيهُ هُنَا.
(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا)