وفى هود تقدّم ذكرُ الرُّسُل مرّات، وفى المؤمنين تقدّم ذكر نوح ضِمناً ؛ لقوله ﴿وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُوْنَ﴾ ؛ لأَنَّه أَوّل مَن صَنعَ الفلك، فعطف فى السّورتين بالواو.
قوله :﴿أَرْسَلْنَا نُوْحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ﴾ بالفاءِ هنا، وكذا فى المؤمنين فى قصّة نوح، وفى هود فى قصّة نوح، ﴿إِنِّي لَكُمْ﴾ بغير فاء، وفى هذه السّورة فى قصّة عاد بغير فاء ؛ لأَنَّ إِصبات الفاءِ هو الأَصل، وتقديره أَرسلنا نوحاً فجاءَ فقال، فكان فى هذه السّورة والمؤمنين على ما يوجبه اللَّفظ.
وأَمَّا فى هود فالتقدير : فقال إِنى فأَضمر ذلك قال، فأَضمر معه الفاءَ.
وهذا كما قلنا فى قوله :﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ﴾ أَى فقال لهم : أَكفرتم، فأَضمر القول والفاءَ معا، وأَمّا فى قصّة عاد فالتقدير : وأَرسلنا إِلى عاد أَخاهم هوداً فقال، فأَضمر أَرسلنا، وأَضمر الفاءَ ؛ لأَنَّ الفاء لفظ (أَرسلنا).
قوله :﴿قَالَ الْمَلأُ﴾بغير واو فى قصّة نوح وهود فى هذه السّورة، وفى هود والمؤمنين (فقال) بالفاء، لأَن ما فى هذه السورة فى القصّتين لا يليق بالجواب وهو قولهم لنوح ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ظَلاَلٍ مُبِين﴾ وقولهم لهود ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكَاذِبِين﴾ بخلاف السّورتين، فإِنَّهم أَجابوا فيهما بما زعموا أَنَّه جواب.
قوله :﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ فى قصّة نوح وقال فى قِصّة هود ﴿وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِيْنٌ﴾ لأَنَّ ما فى هذه الآية ﴿أُبَلِّغُكُمْ﴾ بلفظ المستقبل، فعطف عليه ﴿وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ كما فى الآية الأُخرى ﴿لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾فعطف الماضى (على الماضى)، فكن فى قصّة هود قابل باسم الفاعل قولهم له ﴿وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكَاذِبِين﴾ ليقابَل الاسم بالاسم.