قوله :﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ هنا بلفظ الاسم، وفى النَّمل ﴿قَوْمٌ تَجْهَلُوْنَ﴾ بلفظ الفعل.
أَو لأَنَّ كلّ إِسراف جهل وكلَّ جهل إِسراف، ثمّ ختم الآية بلفظ الاسم ؛ موافقة لرءُوس الآيات المتقدّمة، وكلها أَسماءُ : للعالمين، الناصحين، جاثمين، كافرون، مؤْمنون، مفسدون.
وفى النَّمل وافق ما قبلها من الآيات، وكلها أَفعال : تبصرون، يتَّقون، يعملون.
قوله :﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾ بالواو فى هذه السّورة.
وفى سائر السّور (فما) بالفاءِ ؛ لأَنَّ ما قبله اسم، والفاء للتعقيب، والتعقيب يكون مع الأَفعال.
فقال فى النَّمل ﴿تَجْهَلُوْنَ فَمَا كَانَ﴾ وكذلك فى العنكبوت ﴿وَتَأْتُوْنَ فِي نَادِيْكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ﴾ وفى هذه السّورة ﴿مُسْرِفُوْنَ وَمَا كَانَ﴾.
قوله :﴿أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ﴾ فى هذه السّورة وفى النَّمل ﴿أَخْرِجُواْ آلَ لُوطٍ﴾ ما فى هذه السّورة كناية فسّرها ما فى السورة الَّتى بعدها، وهى النَّمل ويقال : نزلت النَّمل أَوَّلاً، فصرّح فى الأُولى، وكَنَّى فى الثانية.
قوله :﴿كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ (ههنا، وفى النمل :﴿قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ أَى كانت فى علم الله من الغابرين).
قوله :﴿بَمِا كَذَّبُوْا مِنْ قَبْل﴾ هنا وفى يونس ﴿بِمَا كَذَّبُوْا بِهِ﴾ لأَنَّ أَوّل القصّة هنا ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ﴾ وفى الآية ﴿وَلَاكِن كَذَّبُواْ﴾ وليس بعدها الباء، فخَتَم القصّة بمثل ما بدأَ به، فقال : كذَّبوا من قبل.
وكذلك فى يونس وافق ما قبله وهو ﴿كَذَّبُوْهُ﴾ ﴿فَنَجَّيْنَاهُ﴾ ثمّ ﴿كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ فخَتَم بمثل ذلك، فقال :﴿بِمَا كَذَّبُوْا بِهِ﴾.
وذهب بعض أَهل العلم إِلى أَنَّ ما فى حقِّ العقلاءِ من التكذيب فبغير الباء ؛ نحو قوله : كذَّبوا رسلى، وكذَّبوه، وغيره ؛ وما فى حقِّ غيرهم بالباءِ ؛ نحو كَّبوا بآياتنا وغيرها.


الصفحة التالية
Icon