فصل


قال الشيخ محمد أبو زهرة :
سورة الأعراف
هى سورة مدنية إلا ثمانى آيات من الآية رقم ١٦٣ إلى الآية ١٧٠، وسنتكلم فيها فى موضعها - إن شاء الله تعالى - وعدد آيات هذه السورة الكريمة ست ومائتان.
وقد ابتدأ الله تعالى هذه السورة بالحروف ( المص )، وقد تكلمنا فى هذه الحروف فى فواتح سور القرآن، وذكرنا أنها من المتشابه الذى اختص علم الله تعالى، وذكرنا حكمة ذكرها، وعند الله غيب أمرها.
ابتدئت السورة بذكر القرآن، والأمر باتباعه، ثم أشارت إلى أن يوم القيامة يجىء بغتة، فالقرى يجيئها أمر الله بغتة وهم نائمون، وعندئذ يحس الظالمون بظلمهم إذ ذهب طغيانهم، ويبين الله - تعالى - أن اليوم يوم سؤالهم عما ظلموا، وتوزن أعمالهم بخيرها وشرها، والوزن يومئذ الحق، وقد ذكر سبحانه أن السبب فى طغيانهم أنه مكن لهم فى الأرض، وتمكن الشيطان منهم.
ويذكر سبحانه كيف يتمكن الشيطان، وساق - سبحانه وتعالى - قصة الخلق الأول، ليبين لهم عداوة إبليس وكيف أغوى آدم على مخالفة ربه، هو وزوجه حواء، وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور، وقد ذكر سبحانه عاقبة ذلك التدلى.
صرح بعد ذلك القصص الحكيم بالنهى عن الخضوع للشيطان إبليس ومن
معه، فقال :( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ).
وبين - سبحانه - أنه كما دلى الشيطان آدم وزوجه بغرور حتى تسبب فى نزع لباسهم كذلك يغرى قريشا فيجعلهم يطوفون عراة، وإن ذلك هو عين الفساد، وأمر الله تعالى أن يأخذوا زينتهم ويلبسوا عند كل مسجد (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين.
ويبين - سبحانه وتعالى - ما أحله الله من طيبات وما أراد الشيطان أن يحرمه عليهمء


الصفحة التالية
Icon