وذكر - سبحانه وتعالى - من بعد قصة هود قصة صالح مع قومه ثمود، إذ دعاهم إلى عبادة الله تعالى وحده، وأتى لهم بمعجزة حسية هى الناقة، وقد ذكرهم بما نزل بعاد من قبلهم، وذكرهم بنعمة الله تعالى :( وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٧٤) ) ولكنهم كفروا وعقروا الناقة، فأنزل الله تعالى عذابه الدنيوى، وتولى عنهم هود وقد أبلغهم رسالة ربه.
ومن بعده بعث الله لوطا إلى قومه، وذكر الله تعالى شذوذهم وأهلكهم الله تعالى :(وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين.
وأرسل إلى مدين أخاهم شعيبا، وقص الله - تعالى - فى السورة قصصه مع قومه إذ دعاهم إلى الحق وإلى صراط مستقيم، وألا يفسدوا ولا يعتدوا ولا يصدوا عن سبيل الله، وقد آمنت طائفة، وطائفة منهم وهم الذين استكبروا، وحاولوا إخراج شعيب قائلين :(... لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا... ، ولكن الله نجاه منهم، وقال لن نعود فى ملتكم بعد إذ نجانا الله منها.
وقال الذين كفروا للذين آمنوا (... لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون
وقد أخذتهم بسبب عصيانهم الرجفة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين.. ، فتولى عنهم شعيب وقال لقد أبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين.
وقد بين - سبحانه وتعالى - فى هذه السورة الكريمة سنته مع الذين يرسل إليهم النبيين أن يختبرهم بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون، ثم يختبرهم من بعد ذلك بالحسنة لعلهم يدركون، ( ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء... فإذا كفروا، ولم تردعهم الضراء، ولم يشكروا السراء، أخذهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون.


الصفحة التالية
Icon