فقال الفرّاء : الفاء بمعنى الواو، فلا يلزم الترتيب.
وقيل : أي وكم من قرية أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا ؛ كقوله :﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم ﴾ [ النحل : ٩٨ ].
وقيل : إن الهلاك واقع ببعض القوم ؛ فيكون التقدير : وكم من قرية أهلكنا بعضها فجاءها بأسنا فأهلكنا الجميع.
وقيل : المعنى وكم من قرية أهلكناها في حكمنا فجاءها بأسنا.
وقيل : أهلكناها بإرسالنا ملائكة العذاب إليها، فجاءها بأسنا وهو الاستئصال.
والبأس : العذاب الآتي على النفس.
وقيل : المعنى أهلكناها فكان إهلاكنا إياهم في وقت كذا ؛ فمجيء البأس على هذا هو الإهلاك.
وقيل : البأس غير الإهلاك ؛ كما ذكرنا.
وحكى الفرّاء أيضاً أنه إذا كان معنى الفعلين واحداً أو كالواحد قدّمت أيهما شئت ؛ فيكون المعنى وكم من قرية جاءها بأسنا فأهلكناها ؛ مثل دَنَا فقَرُب، وقَرُب فدنا، وشتمني فأساء، وأساء فشتمني ؛ لأن الإساءة والشتم شيء واحد.
وكذلك قوله :﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ [ القمر : ١ ].
المعنى والله أعلم انشق القمر فاقتربت الساعة.
والمعنى واحد.
﴿ بَيَاتاً ﴾ أي ليلاً ؛ ومنه البيت، لأنه يبات فيه.
يقال : بات يبِيت بيتاً وبياتاً.
﴿ أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ ﴾ أي أو وهم قائلون، فاستثقلوا فحذفوا الواو ؛ قاله الفرّاء.
وقال الزجاج : هذا خطأ، إذا عاد الذكرُ استغني عن الواو، تقول : جاءني زيد راكباً أو هو ماش، ولا يحتاج إلى الواو.
قال المهدويّ : ولم يقل بياتاً أو وهم قائلون لأن في الجملة ضميراً يرجع إلى الأوّل فاستغنى عن الواو.
وهو معنى قول الزجاج سواء، وليس أو للشك بل للتفصيل ؛ كقولك : لأكرِمنّك منصفاً لي أو ظالماً.
وهذه الواو تسمى عند النحويين واو الوقت.
و"قَائِلُونَ" من القائلة وهي القيْلُولة ؛ وهي نوم نصف النهار.
وقيل : الاستراحة نصفَ النهار إذا اشتدّ الحرّ وإن لم يكن معها نوم.