قال القاضي أبو محمد : ويتوجه أن يكون أيضاً بمعنى الادعاء، لأن من ناله مكروه أو حزبه حادث فمن شأنه أن يدعو كما ذهب إليه المفسرون في فعل هؤلاء المذكورين في هذه الآية، ومن شأنه أيضاً أن يدعي معاذير وأشياء تحسن حاله وتقيم حجته في زعمه، فيتجه أن يكون هؤلاء بحال من يدعي معاذير ونحوها، فأخبر الله عنهم أنهم لم تكن لهم دعوى ثم استثنى من غير الأول، كأنه قال لم يكن دعاء أو ادعاء إلا الإقرار والاعتراف، أي هذا كان بدل الدعاء أو الادعاء، وتحتمل الآية أن يكون المعنى فما آلت دعواهم التي كانت في حال كفرهم إلا إلى اعتراف، ونحو من الآية قول الشاعر :[ الفرزدق ]
وقد شهدت قيس فما كان نصرها... قتيبة إلا عضها بالأباهم
واعترافهم وقولهم ﴿ إنا كنا ظالمين ﴾ هو في المدة بين ظهور العذاب إلى إتيانه على أنفسهم، وفي ذلك مهلة بحسب نوع العذاب تتسع لهذه المقالة وغيرها، وروى ابن مسعود عن النبي عليه السلام أنه قال " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم ". وفسر عبد الملك بن ميسرة هذا الحديث بهذه الآية. و﴿ دعواهم ﴾ خبر كان، واسمها ﴿ إلا أن قالوا ﴾ وقيل بالعكس. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فما كان دعواهم ﴾ قال اللغويون : الدعوى هاهنا بمعنى الدعاء والقول.
والمعنى : ما كان قولهم وتداعيهم إذ جاءهم العذاب إلا الاعتراف بالظلم.
قال ابن الأنباري : وللدعوى في الكلام موضعان.
أحدهما : الإدعاء.
والثاني : القول والدعاء.
قال الشاعر :
إذا مَذِلَتْ رِجْلي دعوتُكِ أشْتفي...
بدَعْواكِ مِنْ مَذْلٍ بها فيهُون. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
قال القرطبى :
﴿ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُم بَأْسُنَا إِلا أَن قَالُواْ ﴾
الدعوى الدعاء ؛ ومنه قوله :﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ ﴾ [ يونس : ١٠ ].
وحكى النحويون : اللهم أشركنا في صالح دعوى من دعاك.
وقد تكون الدّعوى بمعنى الادّعاء.


الصفحة التالية
Icon