قوله تعالى :﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ ﴾ دليل على أن الكفار يحاسبون.
وفي التنزيل ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [ الغاشية : ٢٦ ].
وفي سورة القصص ﴿ وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون ﴾ [ القصص : ٧٨ ] يعني إذا استقرّوا في العذاب.
والآخرة مَواطنُ : موطن يسألون فيه للحساب.
وموطن لا يسألون فيه.
وسؤالهم سؤال تقرير وتوبيخ وإفضاح.
وسؤال الرسل سؤال استشهاد بهم وإفصاح ؛ أي عن جواب القوم لهم.
وهو معنى قوله :﴿ لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ ﴾ [ الأحزاب : ٧٨ ] على ما يأتي.
وقيل : المعنى ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ ﴾ أي الأنبياء ﴿ وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين ﴾ أي الملائكة الذين أرسلوا إليهم.
واللام في "فلنسألنّ" لام القسم وحقيقتها التوكيد.
وكذا ﴿ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ فلنسألن الذين أرسل إليهم ﴾
يعني : نسأل الأمم الذين أرسلنا إليهم الرسل ماذا عملتم فيما جاءتكم به الرسل ﴿ ولنسألن المرسلين ﴾ يعني ولنسألن الرسل الذي أرسلناهم إلى الأمم هل بلغتم رسالاتنا وأديتم إلى الأمم ما أُمرتم بتأديته إليهم أم قصرتم في ذلك.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى هذه الآية : يسأل الله تعالى الناس عما أجابوا به المرسلين ويسأل المرسلين عما بلغوا وعنه أنه قال يوضع الكتاب يوم القيامة فيتكلم بما كانوا يعملون.
وقال السدي : يسأل الأمم ماذا عملوا فيما جاءت به الرسل ويسأل الرسل هل بلَّغوا ما أرسلوا به.
فإن قلت : قد أخبر عنهم في الآية الأولى بأنهم اعترفوا على أنفسهم بالظلم في قوله إنا كنا ظالمين فيما فائدة هذا السؤال مع اعترافهم على أنفسهم بذلك؟
قلت : لما اعترفوا بأنهم كانوا ظالمين مقصرين سئلوا بعد ذلك عن سبب هذا الظلم والتقصير والمقصود من هذا التقريع والتوبيخ للكفار.