﴿ وَلَنَسْئَلَنَّ المرسلين ﴾ ماذا أجيبوا، والمراد من هذا السؤال توبيخ الكفرة وتقريعهم، والمنفي في قوله تعالى :﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ ﴾ [ الرحمن : ٣٩ ] سؤال الاستعلام فلا منافاة بين الآيتين، وجمع آخرون بينهما بأن للمثبت موقفاً وللمنفي آخر.
وقال الإمام :"إنهم لا يسألون عن الأعمال ( أي ما فعلتم ) ولكن يسألون عن الدواعي التي دعتهم إلى الأعمال والصوارف التي صرفتهم عنها" أي لم كان كذا، وقيل : معنى ﴿ لاَّ يُسْئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ ﴾ لا يعاقب بذنبه غيره، وقيل : المراد من الذين أرسل إليهم الأنبياء ومن المرسلين الملائكة الذين بلغوهم رسالات ربهم.
وروي ذلك عن فرقد وهو كما ترى، وقيل : لا حاجة إلى التوفيق فإن المنفى هو السؤال عن الذنب لا مطلق السؤال.
ورد بأن عدم قبول دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام ذنب وأي ذنب فسؤالهم عنه ينافيه وفيه نظر.
وتخصيص سؤال المرسلين عليهم السلام بما ذكرنا هو الذي يشهد به الأخبار وتدل عليه الآثار، وفي القرآن ما يؤيد ذلك فقد قال سبحانه :﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ ﴾ [ المائدة : ١٠٩ ] وتخصيص سؤال الذين أرسل إليهم بما تقدم هو الذي جرى عليه جماعة من المفسرين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري أنه يقال للذين أرسل إليهم : هل بلغكم الرسل؟ ويقال للمرسلين : ماذا ردوا عليكم.
وأخرج أيضاً عن القاسم أبي عبد الرحمن أنه تلا هذه الآية فقال يسأل العبد يوم القيامة عن أربع خصال يقول ربك : ألم أجعل لك جسداً ففيم أبليته؟ ألم أجل لك علماً ففيم عملت بما علمت؟ ألم أجعل لك ماًلا ففيم أنفقته في طاعتي أم في معصيتي؟ ألم أجعل لك عمرا ففيم أفنيته؟.