المنادي أين عيسى بن مريم ؟ فيؤتى به على باب المرسلين فيقول : أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ثم يحمد تحميداً ما شاء الله تعالى ويثنى عليه كثيراً ثم يعطف على نفسه بالذم والاحتقار ويقول سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب، فيضحك الله ويقول هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم يا عيسى ارجع إلى منبرك واتل الإنجيل الذي بلغك جبريل، فيقول : نعم ثم يرقى ويقرأ فتشخص إليه الرؤوس لحسن ترديده وترجيعه فإنه أحكم الناس به رواية فيأتي به غضاً طرياً حتى يظن الرهبان أنهم ما عملوا به قط، ثم ينقسم قومه فرقتين المجرمون مع المجرمين والمؤمنون مع المؤمنين. ثم يخرج النداء أين محمد ؟ فيؤتى به ﷺ فيقول يا محمد هذا جبريل يزعم أنه بلغك القرآن، فيقول : نعم يا رب فيقال له ارجع إلى منبرك واقرأ فيتلوا ﷺ القرآن فيأتي به غضاً طريا له حلاوة وعليه طلاوة ويستبشر به المتقون وإذا وجوههم ضاحكة مستبشرة والمجرمون وجوههم مغبرة مقترة فإذا تلا النبي القرآن توهمت الأمة أنهم ما سمعوه قط.
وقد قيل للأصمعي تزعم أنك أحفظهم لكتاب الله قال : يا ابن أخي يوم أسمعه من رسول الله ﷺ كأني ما سمعته، فإذا فرغت قراءة الكتب خرج النداء من قبل سرداقات الجلال : وامتازوا اليوم أيها المجرمون فيرتج الموقف ويقوم فيه روع عظيم والملائكة قد امتزجت بالجن والجن بيني آدم والكل لجة واحدة ثم يخرج النداء : يا آدم ابعث بعث النار، فيقول : كم يا رب ؟ فيقال له : من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة على مايأتي بيانه، فلا يزال يستخرج من سائر الملحدين والغافلين والفاسقين حتى لا يبقى إلا قدر حفنة الرب كما قال الصديق رضي الله عنه : نحن حفنات بحفنات الرب سبحانه وتعالى
، على مايأتي إن شاء الله تعالى.