وقال الآلوسى :
﴿ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم ﴾
قيل أي على الرسل حين يكلون الأمر إلى علمه تعالى ويقولون :﴿ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ علام الغيوب ﴾ [ المائدة : ١٠٩ ] أو عليهم وعلى المرسل إليهم جميعاً جميع أحوالهم.
وعن ابن عباس أنه ينطق عليهم كتاب أعمالهم ﴿ بِعِلْمِ ﴾ أي عالمين بظواهرهم وبواطنهم أو بمعلومنا منهم، والباء على الأول للملابسة ؛ والجار والمجرور حال من فاعل ( نقص )، وعلى الثاني الباء متعلق بنقص ﴿ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴾ عنهم في حال من الأحوال، والمراد الإحاطة التامة بأحوالهم وأفعالهم بحيث لا يشذ منها شيء عن علمه سبحانه، والجملة إما حال أو استئناف لتأكيد ما قبله. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
والقَصّ : الإخبار، يقال : قصّ عليه، بمعنى أخبره، وتقدّم في قوله تعالى :﴿ يقص الحقّ ﴾ في سورة الأنعام ( ٥٧ ).
وجملة :﴿ وما كنا غائبين ﴾ معطوف على ﴿ فلنقصن عليهم بعلم ﴾، وهي في موقع التّذييل.
والغائب ضدّ الحاضر، وهو هنا كناية عن الجاهل، لأنّ الغيبة تستلزم الجهالة عرفاً، أي الجهالة بأحوال المَغيب عنه، فإنّها ولو بلغتْه بالأخبار لا تكون تامة عنده مثل المشاهد، أي : وما كنّا جاهلين بشيء من أحوالهم، لأنّنا مطّلعون عليهم، وهذا النّفي للغيبة مثل إثبات المعيَّة في قوله تعالى :﴿ وهو معكم أينما كنتم ﴾ [ الحديد : ٤ ].
وإثباتُ سؤال الأمم هنا لا ينافي نفيه في قوله تعالى :﴿ ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون ﴾ [ القصص : ٧٨ ] وقوله ﴿ فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ﴾ [ الرحمن : ٣٩ ] لأنّ المسؤول عنه هنا هو التّبليغ والمنفيَّ في الآيتين الآخريين هو السّؤال لمعرفة تفاصيل ذنوبهم، وهو الذي أريد هنا في قوله :﴿وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾