والثاني : أن الوزن يعود إلى الصحف التي تكون فيها أعمال العباد مكتوبة، وسئل رسول الله ﷺ عما يوزن يوم القيامة فقال :"الصحف" وهذا القول مذهب عامة المفسرين في هذه الآية، وعن عبد لله بن سلام، أن ميزان رب العالمين ينصب بين الجن والإنس يستقبل به العرش إحدى كفتي الميزان على الجنة، والأخرى على جهنم، ولو وضعت السموات والأرض في إحداهما لوسعتهن، وجبريل آخذ بعموده ينظر إلى لسانه، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال : قال رسول الله ﷺ :" يؤتى برجل يوم القيامة إلى الميزان ويؤتى له بتسعة وتسعين سجلاً كل سجل منها مد البصر فيها خطاياه وذنوبه فتوضع في كفة الميزان ثم يخرج له قرطاس كالأنملة فيه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله يوضع في الأخرى فترجح " وعن الحسن : بينما الرسول ﷺ ذات يوم واضع رأسه في حجر عائشة رضي الله عنها قد أغفى فسالت الدموع من عينها فقال :"ما أصابك ما أبكاك ؟ " فقالت : ذكرت حشر الناس وهل يذكر أحد أحداً، فقال لها :" يحشرون حُفاة عُراة غرلاً " ﴿لِكُلِّ امرىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [ عبس : ٣٧ ] لا يذكر أحد أحداً عند الصحف، وعند وزن الحسنات والسيئات، وعن عبيد بن عمير يؤتى بالرجل العظيم الأكول الشروب فلا يكون له وزن بعوضة.
والقول الثاني : وهو قول مجاهد والضحاك والأعمش، أن المراد من الميزان العدل والقضاء وكثير من المتأخرين ذهبوا إلى هذا القول، وقالوا حمل لفظ الوزن على هذا المعنى سائغ في اللغة والدليل عليه فوجب المصير إليه.