اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً } وكذا قولُه عليه الصلاة والسلام في حق مَنْ يشرب من إناء الذهب والفضةِ :" إنما يُجرجِر في بطنه نارَ جهنم " ولا بُعدَ في ذلك، ألا يُرى أن العلم يَظهر في عالم المثالِ على صورة اللبنِ كما لا يخفى على من له خِبرةٌ بأحوال الحضَراتِ الخمس. وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه يؤتى بالأعمال الصالحة على صورٍ حسنةٍ وبالأعمال السيئة على صور قبيحةٍ فتوضع في الميزان إن قيل : إن المكلّف يوم القيامةِ إما مؤمنٌ بأنه تعالى حكيمٌ منزَّهٌ عن الجَوْر فكيفيةُ حكمِه تعالى بكيفيات الأعمالِ وكمياتها ظاهرةٌ، وإما منكِرٌ له فلا يسلمُ حينئذ أن رجحانَ بعضِ الأعمالِ على بعض لخصوصيات راجعةٍ إلى ذوات تلك الأعمالِ بل يُسنده إلى إظهار الله تعالى إياه على ذلك الوجه فما الفائدةُ في الوزن؟ أجيب بأنه ينكشف الحالُ يومئذ وتظهر جميعُ الأشياء بحقائقها على ما هي عليه وبأوصافها وأحوالِها في أنفسها من الحسن والقبحِ وغيرِ ذلك وتنخلع عن الصور المستعارةِ التي بها ظهرت في الدنيا فلا يبقى لأحد ممن يشاهدَها شُبهةٌ في أنها هي التي كانت في الدنيا بعينها وأن كل واحد منها قد ظهر في هذه النشأة بصورته الحقيقيةِ المستتبِعةِ لصفاته، ولا يخطُر بباله خلافُ ذلك والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon