وقال شيخه الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما قال تعالى ابتداء بالاعتبار ﴿ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين﴾ [ الأنعام : ٦ ] ثم قال تعالى ﴿ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون﴾ [ الأنعام : ١٠ ] ثم قال تعالى :﴿قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين﴾ [ الأنعام : ١١ ] ثم قال تعالى ﴿ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا﴾ [ الأنعام : ٣٤ ] وقال تعالى ﴿ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء﴾ [ الأنعام : ٤٢ ]، وقال تعالى ﴿يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي﴾ [ الانعام : ١٣ ] فوقعت الإحالة في هذه الآي على الاعتبار بالأمم السالفة وما كان منهم حين حين كذبوا أنبياءهم وهلاك تلك القرون بتكذيبهم وعتوهم وتسلية رسول الله ﷺ بجريان ما جرى له بمن تقدمه مت الرسل ﴿قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون﴾ [ الأنعام : ٣٣ ] فاستدعت الإحالة والتسلية بسط أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية، والإعلام بصبر الرسل - عليهم السلام - عليهم وتلطفهم في دعائهم، ولم يقع في السور الأربع قبل سورة الأنعام مثل هذه الإحالة والتسلية وقد تكررت في سورة الأنعام كما تبين بعد انقضاء ما قصد من بيان طريق المتقين أخذاً وتركاً وحال من حاد عن سننهم ممن رامه أو قصده فلم يوفق له ولا أتم له أمله من الفرقتين : المستندة للسمع والمعتمدة للنظر، فحاد الأولون بطارىء التغيير والتبديل، وتنكب الآخرون بسوء التناول وقصور الأفهام وعلة حيد الفريقين السابقة الأزلية ؛ فلما انقضى أمر هؤلاء وصرف الخطاب إلى تسليته عليه السلام وتثبيت فؤاده بذكر أحوال الأنبياء مع أممهم وأمر الخلق بالاعتبار بالأمم السالفة، وقد كان قدّم