جاء هذا الدين ليقيم قاعدة :" أشهد أن لا إله إلا الله " التي جاء بها كل نبي إلى قومه على مدار التاريخ البشري - كما تقرر هذه السورة وغيرها من سور القرآن الكريم - وشهادة أن لا إله إلا الله ليس لها مدلول إلا أن تكون الحاكمية العليا لله في حياة البشر، كما أن له الحاكمية العليا في نظام الكون سواء. فهو المتحكم في الكون والعباد بقضائه وقدره، وهو المتحكم في حياة العباد بمنهجه وشريعته.. وبناء على هذه القاعدة لا يعتقد المسلم أن لله شريكاً في خلق الكون وتدبيره وتصريفه ؛ ولا يتقدم المسلم بالشعائر التعبدية إلاّ لله وحده. ولا يتلقى الشرائع والقوانين، والقيم والموازين، والعقائد والتصورات إلا من الله، ولا يسمح لطاغوت من العبيد أن يدعي حق الحاكمية في شيء من هذا كله مع الله.
هذه هي قاعدة هذا الدين من ناحية الاعتقاد.. فأين منها البشرية كلها اليوم؟
إن البشرية تنقسم شيعاً كلها جاهلية.
شيعة ملحدة تنكر وجود الله أصلاً وهم الملحدون.
. فأمرهم ظاهر لا يحتاج إلى بيان!
وشيعة وثنية تعترف بوجود إله، ولكنها تشرك من دونه آلهة أخرى وأرباباً كثيرة. كما في الهند، وفي أواساط إفريقية، وفي أجزاء متفرقة من العالم.
وشيعة " أهل كتاب " من اليهود والنصارى. وهؤلاء أشركوا قديماً بنسبة الولد إلى الله. كما أشركوا باتخاذ أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله - لأنهم قبلوا منهم ادعاء حق الحاكمية وقبلوا منهم الشرائع. وإن كانوا لم يصلوا لهم ولم يسجدوا ولم يركعوا أصلاً!.. ثم هم اليوم يقصون حاكمية الله بجملتها من حياتهم ويقيمون لأنفسهم أنظمة يسمونها " الرأسمالية " و" الاشتراكية ".. وما إليها. ويقيمون لأنفسهم أوضاعاً للحكم يسمونها " الديمقراطية " و" الديكتاتورية "... وما إليها. ويخرجون بذلك عن قاعدة دين الله كله، إلى مثل جاهلية الإغريق والرومان وغيرهم، في اصطناع أنظمة وأوضاع للحياة من عند أنفسهم.