قال الزجاج : وجميع النحويين البصريين يزعمون أن همزها خطأ، لأن الهمز إنما يكون في الياء الزائدة، نحو صحيفة وصحائف ؛ فصحيفة من الصحف ؛ والياء زائدة، فأما معايش، فمن العيش، فالياء أصلية.
قوله تعالى :﴿ قليلاً ما تشكرون ﴾ أي : شكركم قليل.
وقال ابن عباس : يريد : أنكم غير شاكرين. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ﴾
أي جعلناها لكم قراراً ومِهاداً، وهيأنا لكم فيها أسباب المعيشة.
والمَعايش جمع مَعيشة، أي ما يُتعيَّش به من المطعم والمشرب وما تكون به الحياة.
يُقال : عاش يَعِيش عَيْشاً ومَعاشاً ومَعِيشاً ومَعِيشة وعِيشَة.
وقال الزجاج : المَعِيشة ما يُتوصّل به إلى العيش.
ومعِيشة في قول الأخفش وكثيرٍ من النحويين مَفْعِلة.
وقرأ الأعرج :"مَعَائِشَ" بالهمز.
وكذا روى خارجة بن مُصْعَب عن نافع.
قال النحاس : والهمز لحن لا يجوز ؛ لأن الواحدة معِيشة، أصلها معيِشة، فزيدت ألف الوصل وهي ساكنة والياء ساكنة، فلا بدّ من تحريكٍ إذ لا سبيل إلى الحذف، والألف لا تحرّك فحرّكت الياء بما كان يجب لها في الواحد.
ونظيره من الواو مَنارة ومَناوِر، ومَقام ومَقاوِم : كما قال الشاعر :
وَإنِّي لقَوّامٌ مَقاوِمُ لم يكن...
جرير ولا مولى جريرٍ يَقُومها
وكذا مصيبة ومَصَاوِب.
وهذا الجيد، ولغة شاذة مصائب، قال الأخفش : إنما جاز مصائب لأن الواحدة مُعْتَلّة.
قال الزجاج : هذا خطأ يلزمه عليه أن يقول مقائم.
ولكن القول أنه مثل وسادة وإسادة، وقيل : لم يجز الهمز في مَعايش لأن المعيشة مَفْعِلة ؛ فالياء أصلية، وإنما يهمز إذا كانت الياء زائدة مثل مدينة ومدائن، وصحيفة وصحائف، وكريمة وكرائم، ووظيفة ووظائف، وشبهه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله عز وجل :﴿ ولقد مكناكم في الأرض ﴾