وقول سيبويه : إنها غلط يمكن أن يراد به أنها خارجة عن الجادة والقياس، وكثيراً ما يستعمل الغلط في كتابه بهذا المعنى.
والجعل بمعنى الإنشاء والإبداع وكل واحد من الظرفين متعلق به أو بمحذوف وقع حالا من مفعوله المنكر إذ لو تأخر لكان صفة له ؛ وتقديمهما على المفعول مع أن حقهما التأخير عنه كما قال بعض المحققين للاعتناء بشأن المقدم والتشويق إلى المؤخر فإن النفس عند تأخير ما حقه التقديم لا سيما عند كون المقدم منبئاً عن منفعة السامع تبقى مترقبة لورود المؤخر فيتمكن فيها عند الورود فضل تمكن، وأما تقديم اللام على في فلما أنه المنبىء عما ذكر من المنفعة والاعتناء بشأنه أتم والمسارعة إلى ذكره أهم، وقيل : إن الجعل متعد إلى مفعولين ثانيهما أحد الظرفين على أنه مستقر قدم على الأول، والظرف الآخر إما لغو متعلق بالجعل أو بالمحذوف الواقع حالاً من المفعول الأول كما مر، واعترض بأنه لا فائدة يعتد بها في الأخبار بجعل المعايش حاصلة لهم أو حاصلة في الأرض.
﴿ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ تلك النعمة الجسيمة، وهو تذييل مسوق لبيان سوء ( حال ) المخاطبين وتحذيرهم قال الطيبي : والتذييل بذلك لأن الشكر مناسب لتمكينهم في البلاد والتصرف فيها كما أن التذكر في الجملة السابقة موافق للتمييز بين اتباع دين الحق ودين الباطل، وبقية الكلام في هذه الجملة على طرز ما مر في نظيرها فتذكر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾