(فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) الدَّعْوَى فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْإِنْسَانُ، وَالِادِّعَاءُ نَفْسُهُ، وَالدُّعَاءُ بِمَعَانِيهِ، وَالْقَوْلُ مُطْلَقًا، فَفِي الْمِصْبَاحِ : وَدَعْوَى فُلَانِ كَذَا - أَيْ قَوْلُهُ اهـ. وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا : فَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ - وَعَلَى مَا قَبْلُهُ :(فَمَا) كَانَتْ غَايَةَ مَا يَدَّعُونَهُ مِنَ الدِّينِ وَزَعْمِهِمْ فِيهِ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ - أَوْ كَانُوا يَدَّعُونَهُ عَلَى الرُّسُلِ مِنَ التَّكْذِيبِ وَإِرَادَةِ التَّفَضُّلِ عَلَيْهِمْ - إِلَّا الِاعْتِرَافَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا ظَالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةِ بِبُطْلَانِهِ. وَفِي التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ الْإِخْبَارُ بِنَوْعٍ مِنَ الْقَوْلِ عَنْ جِنْسِهِ، وَهُوَ غَيْرُ الْإِخْبَارِ بِالشَّيْءِ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ فَصِيحٌ وَإِنِ اتَّحَدَتِ الْمَادَّةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا) (٣ : ١٤٧) فَكَيْفَ إِذَا اخْتَلَفَتْ كَمَا هُنَا.


الصفحة التالية
Icon