وَقَدْ تَنْقَرِضُ بِمَا يَعْقُبُهُ الْفِسْقُ وَالذُّلُّ مِنْ قِلَّةِ النَّسْلِ وَلَا سِيَّمَا فُشُوُّ الزِّنَا وَالسُّكْرِ، أَوْ تَبْقَى مِنْهَا بَقِيَّةٌ مُدْغَمَةٌ فِي الْكَثْرَةِ الْغَالِبَةِ لَا أَثَرَ لَهَا تُعَدُّ بِهِ أُمَّةٌ. وَقَدْ تَتَوَالَى عَلَيْهَا الْعُقُوبَاتُ حَتَّى تَضِيقَ بِهَا ذَرْعًا، فَتَبْحَثُ عَنْ أَسْبَابِهَا، فَلَا تَجِدُهَا بَعْدَ طُولِ الْبَحْثِ إِلَّا فِي أَنْفُسِهَا، وَتَعْلَمُ صِدْقَ قَوْلِهِ تَعَالَى :(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٤٢ : ٣٠) ثُمَّ تَبْحَثُ عَنِ الْعِلَاجِ فَتَجِدُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :(إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (١١ : ١٣) وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّغْيِيرُ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ، وَالْعَمَلِ الَّذِي تَصْلُحُ بِهِ الْقُلُوبُ فَتَصْلُحُ الْأُمُورُ، كَمَا قَالَ الْعَبَّاسُ عَمُّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ تَوَسَّلَ بِهِ عُمَرُ وَالصَّحَابَةُ بِتَقْدِيمِهِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ بِهِمْ : اللهُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَمْ يُرْفَعْ إِلَّا بِتَوْبَةٍ. خِلَافًا لِلْحَشْوِيَّةِ الَّذِينَ يَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبَلَاءَ إِنَّمَا يَرْتَفِعُ كَرَامَةً لِلصَّالِحِينَ الَّذِينَ يَتَوَسَّلُ بِهِمُ الْمُذْنِبُونَ وَالْمُفْسِدُونَ. وَمَتَى عَلِمَتِ الْأُمَّةُ دَاءَهَا وَعِلَاجَهُ فَلَا تَعْدِمُ الْوَسَائِلَ لَهُ.