(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ)
بَيَّنَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَاتِ : أَنَّهُمَا بَدْءٌ لِلْإِنْذَارِ - بَعْدَ بَيَانِ أَصْلِ الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ - بِالتَّذْكِيرِ بِعَذَابِ الْأُمَمِ الَّتِي عَانَدَتِ الرُّسُلَ فِي الدُّنْيَا، وَهَذِهِ الْآيَاتُ تَذْكِيرٌ بِعَذَابِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، قَفَّى بِهِ عَلَى تَخْوِيفِ قَوْمِ الرَّسُولِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَذَابِ الْعَاجِلِ، بِتَخْوِيفِهِمْ مِمَّا يَعْقُبُهُ مِنَ الْعَذَابِ الْآجِلِ، وَهُوَ الْحِسَابُ وَالْجَزَاءُ فِي الْآخِرَةِ.
(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) عَطَفَ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ يَعْقُبُهُ وَيَجِيءُ بَعْدَهُ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ الْعَذَابُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْيَأْسِ آخِرُ أَمْرِهِمْ فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ : إِنَّ " الْفَاءَ " هُنَا هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْفَصِيحَةَ، وَقَدْ أُكِّدَ الْخَبَرُ بِلَامِ الْقَسَمِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ، لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ مِنَ الْعَرَبِ فِي أَوَّلِ الدَّعْوَةِ كَانُوا يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ وَالْجَزَاءَ، وَلِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ تَأْثِيرٌ فِي الْأَنْفُسِ