وَمَعْنَى الْجُمْلَةِ : وَالْوَزْنُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي يَسْأَلُ اللهُ فِيهِ الرُّسُلَ وَالْأُمَمَ، وَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ كُلَّ مَا كَانَ مِنْهُمْ، هُوَ الْحَقُّ الَّذِي تَحِقُّ بِهِ الْأُمُورُ وَتُعْرَفُ بِهِ حَقِيقَةُ كُلِّ أَحَدٍ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَذَهَبَ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الْإِعْرَابِ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى : أَنَّ الْوَزْنَ الْحَقَّ كَائِنٌ يَوْمَئِذٍ، لَا أَنَّ الْوَزْنَ يَوْمَئِذٍ حَقٌّ، فَالْحَقُّ صِفَةٌ لِلْوَزْنِ وَيَوْمَئِذٍ هُوَ الْخَبَرُ عَنْهُ أَوِ الْمَعْنَى وَالْوَزْنُ كَائِنٌ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ الْحَقُّ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) قِيلَ : إِنِ الْمَوَازِينَ جَمْعُ مِيزَانٍ فَهِيَ مُتَعَدِّدَةٌ لِكُلِّ امْرِئٍ مِيزَانٌ وَقِيلَ : لِكُلِّ عَمَلٍ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمِيزَانَ وَاحِدٌ وَأَنَّهُ يُجْمَعُ بِاعْتِبَارِ الْمُحَاسَبِينَ وَهُمُ النَّاسُ أَوْ عَلَى حَدِّ قَوْلِ الْعَرَبِ : سَافَرَ فُلَانٌ عَلَى الْبِغَالِ وَإِنْ رَكِبَ بَغْلًا وَاحِدًا، وَقِيلَ : إِنَّ الْمَوَازِينَ جَمْعُ مَوْزُونٍ، وَالْمَعْنَى فَمَنْ رَجَحَتْ مَوَازِينُ أَعْمَالِهِ بِالْإِيمَانِ وَكَثْرَةِ حَسَنَاتِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ بِالنَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّعِيمِ فِي دَارِ الثَّوَابِ (وَمَنْ خَفَّتْ مُوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ)