قال الشماخ بن ضرار :
ولو ردت المعروف عندي رددتها... لحاجة لا العالي ولا المتحرج
ويكون معناه : فلا يضيق صدرك خوفاً ألا تقوم بحقه.
والثاني : أن الحرج هنا الشك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي. قال الراجز :
آليت لولا حرج يعروني... ما جئت أغزوك ولا تغزوني
ومعناه : فلا تشك فيما يلزمك فيه فإنما أنزل إليك لتنذر به.
والثالث : فلا يضيق صدرك بأن يكذبوك، قاله الفراء.
ثم قال :﴿ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ فجعله إنذاراً للكافرين وذكرى للمؤمنين ليعود نفعه على الفريقين. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ كتاب أنزل إليك ﴾ الآية، قال الفراء وغيره ﴿ كتاب ﴾ رفع على الخبر للحروف، كأنه قال هذه الحروف كتاب أنزل إليك، ورد الزجّاج على هذا القول بما لا طائل فيه، وقال غيره :﴿ كتاب ﴾ رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره هذا كتاب و﴿ أنزل إليك ﴾ في موضع الصفة ل ﴿ كتاب ﴾، ثم نهي النبي ﷺ أن يبرم أو يستصحب من هذا الكتاب أو بسبب من أسبابه حرجاً، ولفظ النهي هو للحرج ومعناه للنبي عليه السلام، وأصل الحرج الضيق، ومنه الحرجة الشجر الملتف الذي قد تضايق، و" الحرج " ها هنا يعم الشك والخوف والهم وكل ما يضيق الصدر، وبحسب سبب الحرج يفسر الحرج ها هنا، وتفسيره بالشك قلق، والضمير في ﴿ منه ﴾ عائد على الكتاب أي بسبب من أسبابه، و" من " ها هنا لابتداء الغاية، وقيل يعود على التبليغ الذي يتضمنه معنى الآية، وقيل على الابتداء.
قال القاضي أبو محمد : وهذا التخصيص كله لا وجه له إذ اللفظ يعم الجهات التي هي من سبب الكتاب ولأجله وذلك يستغرق التبليغ والإنذار وتعرض المشركين وتكذيب المكذبين وغير ذلك.