الثانية : قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ﴾ "مِنْ دُونِهِ" من غيره.
والهاء تعود على الرب سبحانه، والمعنى : لا تعبدوا معه غيره، ولا تتخذوا مَن عدلَ عن دين الله ولِياً.
وكل من رضي مذهباً فأهل ذلك المذهب أولياؤه.
وروي عن مالك ابن دِينار أنه قرأ ﴿ وَلاَ تَبْتَغُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ﴾ أي ولا تطلبوا.
ولم ينصرف "أولياء" لأن فيه ألف التأنيث.
وقيل : تعود على "ما" من قوله :﴿ اتبعوا مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾.
﴿ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ "ما" زائدة.
وقيل : تكون مع الفعل مصدراً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ﴾ أي : قل يا محمد لقومك اتبعوا أيها الناس ما أنزل إليكم من ربكم يعني من القرآن الذي فيه الهدى والنور والبيان.
قال الحسن : يا ابن آدم أمرت باتباع كتاب الله وسنة محمد ﷺ والله ما نزلت آية إلا ويجب أن تعلم فيما أنزلت وما معناها، وبنحو هذا قال الزجاج : أي اتبعوا القرآن وما أتى به النبي ﷺ فإنه مما أنزل لقوله تعالى :﴿ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾ ومعنى الآية أن الله تعالى لما أمر رسول الله ﷺ بالإنذار في قوله لتنذر به كان معنى الكلام أنذر القوم ﴿ وقل لهم اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ﴾ واتركوا ما أنتم عليه من الكفر والشرك، وقيل : معناه لتنذر به وتذكر به المؤمنين فتقول لهم ﴿ اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ﴾، وقيل : هو خطاب للكفار أي اتبعوا أيها المشركون ما أنزل إليكم من ربكم واتركوا ما أنتم عيله من الكفر والشرك ويدل عليه قوله تعالى :﴿ ولا تتبعوا من دونه أولياء ﴾ يعني ولا تتخذوا الذين يدعونكم إلى الكفر والشرك فتتبعوهم.


الصفحة التالية
Icon