ويقوّي هذا ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بني آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ [ الأعراف : ١٧٢ ].
والحديث.
" أنه أخرجهم أمثال الذَّرِّ فأخذ عليهم الميثاق " وقيل :"ثم" للإخبار، أي ولقد خلقناكم يعني في ظهر آدم ﷺ، ثم صَوّرناكم أي في الأرحام.
قال النحاس : هذا صحيح عن ابن عباس.
قلت : كل هذه الأقوال محتمل، والصحيح منها ما يَعْضُده التنزيل ؛ قال الله تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ﴾ [ المؤمنون : ١٢ ] يعني آدم.
وقال :﴿ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ [ النساء : ١ ].
ثم قال :"جَعَلْنَاهُ" أي جعلنا نسله وذريته ﴿ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴾ [ المؤمنون : ١٣ ] الآية.
فآدم خُلِق من طين ثم صوّر وأكرم بالسجود، وذريته صُوِّروا في أرحام الأُمهات بعد أن خُلقوا فيها وفي أصلاب الآباء.
وقد تقدّم في أوّل سورة "الأنعام" أن كل إنسان مخلوق من نطفة وتُرْبَة ؛ فتأمله.
وقال هنا :﴿ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ﴾ وقال في آخر الحشر :﴿ هُوَ الله الخالق البارىء المصور ﴾ [ الحشر : ٢٤ ].
فذكر التصوير بعد البَرء.
وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
وقيل : معنى "وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ" أي خلقنا الأرواح أوّلاً ثم صوّرنا الأشباح آخراً.
قوله تعالى :﴿ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ الساجدين ﴾ استثناء من غير الجنس.
وقيل : من الجنس.
وقد اختلف العلماء : هل كان من الملائكة أم لا ؛ كما سبق بيانه في "البقرة". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ﴾
يعني : ولقد خلقناكم أيها الناس المخاطبون بهذا الخطاب وقت نزوله في ظهر أبيكم آدم ثم صورناكم في أرحام النساء صوراً مخلوقة.


الصفحة التالية
Icon