وقيل : خلقناكم لآدم ثم صوّرناكم لبنيه يعني في صلبه عند أخذ الميثاق ثم قلنا فيكون الترتيب واقعاً على بابه وعلى القول الثاني وهو أنّ الخطاب لبني آدم، فقيل : الخطاب على ظاهره وإن اختلف محل الخلق والتصوير فروي الحارث عن ابن عباس خلقناكم في ظهر آدم ثم صوّرناكم في الأرحام، وقال ابن جبير عنه خلقناكم في أصلاب الرجل ثم صوّرناكم في أرحام النساء، وقاله عكرمة وقتادة والضحّاك والأعمش، وقال ابن السائب خلقناكم نطفاً في أصلاب الرجال وترائب النساء ثم صوّرناكم عند اجتماع النطف في الأرحام، وقال معمّر بن راشد حاكياً عن بعض أهل العلم خلقناكم في بطون أمهاتكم وصوّرناكم فيها بعد الخلق شقّ السّمع والبصر ﴿ وثم ﴾ على هذه الأقوال في قوله ﴿ ثم قلنا ﴾ للترتيب في الأخبار، وقيل الخطاب لبني آدم إلا أنه على حذف مضاف التقدير ولقد خلقنا أرواحكم ثم صوّرنا أجسامكم حكاه القاضي أبو يعلى في المعتمد ويكون ﴿ ثمّ ﴾ في ﴿ ثم قلنا ﴾ لترتيب الأخبار، وقيل التقدير ولقد خلقنا أباكم ثم صوّرنا أباكم ثم قلنا فثم على هذا للترتيب الزماني والمهلة على أصل وضعها، وقيل هو من تلوين الخطاب يخاطب العين ويراد به الغير فيكون الخطاب لبني آدم والمراد آدم كقوله
﴿ وإذ نّجيناكم من آل فرعون ﴾ ﴿ فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ﴾ ﴿ وإذ قتلتم نفساً ﴾ هو خطاب لمن كان بحضرة الرسول من بني إسرائيل والمراد أسلافهم.
ومنه قول الشاعر :
إذا افتخرت يوماً تميم بقوسها...
وزادت على ما وطّدت من مناقب
فأنتم بذي قارٍ أمالت سيوفكم...
عروش الذين استرهنوا قوس حاجب