والوجه الثاني : قال الواحدي : كان ابن عباس يقرأ ملكين ويقول : ما طمعا في أن يكونا ملكين لكنهما استشرفا إلى أن يكونا ملكين، وإنما أتاهما الملعون من جهة الملك، ويدل على هذا قوله :﴿هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد وَمُلْكٍ لاَّ يبلى﴾ [ طه : ٢٠ ] وأقول هذا الجواب أيضاً ضعيف، وبيانه من وجهين : الأول : هب أنه حصل الجواب على هذه القراءة : فهل يقول ابن عباس إن تلك القراءة المشهورة باطلة أو لا يقول ذلك ؟ والأول باطل، لأن تلك القراءة قراءة متواترة، فكيف يمكن الطعن فيها، وأما الثاني : فعلى هذا التقدير الإشكال باق.
لأن على تلك القراءة يكون بالتطميع قد وقع في أن يصير بواسطة ذلك الأكل من جملة الملائكة وحينئذ يعود السؤال.
والوجه الثاني : أنه تعالى جعل سجود الملائكة والخلق له في أن يسكن الجنة، وأن يأكل منها رغداً كيف شاء وأراد، ولا مزيد في الملك على هذه الدرجة.
السؤال الثاني : هل تدل هذه الآية على أن درجة الملائكة أكمل وأفضل من درجة النبوة.
والجواب من وجوه : الأول : أنا إذا قلنا إن هذه الواقعة كانت قبل النبوة لم يدل على ذلك ولأن آدم حين طلب الوصول إلى درجة الملائكة ما كان من الأنبياء، وعلى هذا التقدير فزال الاستدلال.
والثاني : أن بتقدير "أن" تكون هذه الواقعة وقعت في زمان النبوة فلعل آدم عليه السلام رغب في أن يصير من الملائكة في القدرة والقوة والشدة أو في خلقة الذات بأن يصير جوهراً نورانياً، وفي أن يصير من سكان العرش والكرسي، وعلى هذا التقدير يسقط الاستدلال.
السؤال الثالث : نقل أن عمرو بن عبيد قال للحسن في قوله :﴿إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين﴾ وفي قوله :﴿وقاسمهما﴾ قال عمرو وقلت للحسن : فهل صدقاه في ذلك.
فقال الحسن معاذ الله لو صدقاه لكانا من الكافرين ووجه السؤال : أنه كيف يلزم هذا التكفير بتقدير : أن يصدقا إبليس في ذلك القول.


الصفحة التالية
Icon