وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان ﴾
أي : زيّن لهما الشيطان ﴿ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءاتِهِمَا ﴾ يعني : أراد إبليس لعنه الله بالوسوسة ليظهر ما سترا من عوراتهما، والسوأة كناية عن العورة.
وذلك أن إبليس لما رأى محسوده في الجنة ورأى نفسه طريداً لم يصبر، واحتال لإخراجهما فأتاهما ﴿ وَقَالَ مَا نهاكما رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ ﴾ يعني : أنكما لو أكلتما تصيران كالملكين تموتان أبداً أو تكونا كالملائكة وتعلمان الخير والشر.
﴿ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين ﴾ يعني : إن لم تكونا مَلَكَيْنِ فتكونا من الخالدين لا تموتان.
وقرأ بعضهم مَلِكَيْنِ بالكسر كما قال : في آية أُخرى ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشيطان قَالَ يا أدم هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد وَمُلْكٍ لاَّ يبلى ﴾ [ طه : ١٢٠ ] وهي قراءة يحيى بن كثير وهي قراءة شاذة. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الثعلبى :
﴿ فَوَسْوَسَ ﴾ يعني إليهما ومعناه فحدث إليهما ﴿ الشيطان لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا ﴾ يعني ليظهر لهما ما غطى وستر عنهما من عوراتهما، وقال وهب : كان عليهما نور لا يرى سوءاتهما ثمّ بين الوسوسة ﴿ وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا ﴾ يا آدم وحواء ﴿ رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ ﴾ يعني إلاّ أن تكونا وكراهيّة أن يكونا من الملائكة يعملان الخير والشر.
وقرأ ابن عباس والضحاك ويحيى بن أبي معين : ملكين بكسر اللام من الملك أخذوها من قوله ﴿ هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد وَمُلْكٍ لاَّ يبلى ﴾ [ طه : ١٢٠ ].
﴿ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين ﴾ من الباقين الذين لا يموتون. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الْشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا... ﴾


الصفحة التالية
Icon